خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَاسِقُونَ
٤٩
-المائدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع أهواءهم } عطف على الكتاب اى انزلنا عليك الكتاب والحكم بما فيه { واحذرهم } مخافة { ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك } اى يضلوك ويصرفوك عن بعضه ولو كان اقل قليل بتصوير الباطل بصورة الحق فالمراد بالفتنة ههنا الميل عن الحق والوقوع فى الباطل كما فى قوله عليه السلام "اعوذ بك من فتنة المحيا"
.اى العدول عن الطريق المستقيم وكل من صرف من الحق الى الباطل واميل عن القصد فقد فتن ـ روى ان احبار اليهود قالوا اذهبوا بنا الى محمد فلعلنا نفتنه عن دينه فذهبوا اليه صلى الله تعالى عليه وسلم فقالوا يا ابا القاسم قد عرفت انا احبار اليهود وانا ان اتبعناك اتبعك اليهود كلهم وان بيننا وبين قومنا خصومة فنتحاكم اليك فاقض لنا عليهم ونحن نؤمن بك ونصدقك فابى ذلك رسول الله فنزلت.
واستدل العلماء بهذه الآية على ان الخطأ والنسيان جائز على الرسل لانه تعالى قال { واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك } والتعمد فى مثل هذا غير جائز على الرسل فلم يبق الا الخطأ والنسيان { فان تولوا } اى اعرضوا عن الحكم بما انزل الله وارادوا غيره { فاعلم انما يريد الله } اى فاعلم ان اعراضهم من اجل ان الله يريد { ان يصيبهم ببعض ذنوبهم } اى يعجل لهم العقوبة فى الدنيا بان يسلطك عليهم ويعذبهم فى الدنيا بالقتل والجلاء والجزية ويجازيهم بالباقى فى الآخرة فالمراد ببعض ذنوبهم ذنب توليهم عن حكم الله تعالى وانما عبر عنه بذلك تنبيها على ان لهم ذنوبا كثيرة هذا مع عظمه واحد من جملتها { وان كثيرا من الناس لفاسقون } اى متمردون فى الكفر مصرون عليه خارجون عن الحدود المعهودة فلذا يتولون عن حكم الله.