خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١٣
-الأنعام

روح البيان في تفسير القرآن

{ وله ما سكن فى الليل والنهار } ـ روى ـ ان كفار مكة اتوا رسول الله فقالوا يا رسول الله قد علمنا انك ما يحملك على ما تدعونا اليه الا الفقر والحاجة فنحن نجمع لك من القبائل اموالا تكون اغنانا رجلا وترجع عما انت عليه من الدعوة فانزل الله تعالى هذه الآية والمعنى ولله تعالى خاصة جميع ما استقر فيهما واشتملا عليه فان اراد يعطى رسوله مالا كثيرا ليكون اغنى الخلق نزل الملوان منزلة المكان فعبر عن نسبة الاشياء الزمانية اليهما بالسكنى فيهما { وهو السميع } المبالغ فى سماع كل مسموع { العليم } المبالغ فى العلم بكل معلوم فلا يخفى عليه شئ من الأقوال والافعال وفى الخبر (ان الله تعالى خلق جوهرتين احداهما مظلمة والاخرى مضيئة فاستخلص من المضيئة كل نور فخلق من نورها النهار ومن الباقى النار واستخلص من الظلمة كل ظلمة فخلق منها الليل وخلق من الباقى الجنة فالليل من الجنة والنار من النهار) ولذلك كان الانس بالليل اكثر فالليل انس المحبين وقرة اعين المحبوبين وقدم لهم الليل على النهار لان الليل لخدمة المولى والنهار لخدمة الخلق ومعارج الانبياء كانت بالليل والقدر فى الليل خير من الف شهر وليس فى الايام مثلها وكان بعض الاولياء يقول اذا جاء الليل جاء الخلق الاعظم يقول الفقير جامع هذه المجالس اما من حجب عن سر الليل وحلاوة المناجاة فيه وذوق الخلوة والوحدة فالمحبوب اليه النهار كعلماء الرسوم ألا ترى الى ثعلب النحوى يقول وددت ان الليل نهار حتى لا تنقطع عنى اصحابى وهذا حرص منه على الكثرة والالفة معها والا فكل معلم لم يكن اعلى حالا من المجتهدين ألا ترى ان امامنا الاعظم كان يدرس ويحيى الليل

هر كنج سعادت كه اوداد يحافظ ازيمن دعاى شب وورد سحرى بود

وعلم من التقرير المذكور افضلية الليل على النهار. واعلم ان الكل خلق الله تعالى ولكل منهما ملك موكل به وفى الخبر عن سلمان رضى الله عنه قال الليل موكل به ملك يقال له شراهيل فاذا حان وقت الليل اخذ خرزة سواداء فدلاها من قبل المغرب فاذا نظرت اليها الشمس وجبت فى اسرع من طرفة العين وقد امرت ان لا تغرب حتى ترى الخرزة فاذا غربت جاء الليل وقد نشرت الظلمة من تحت جناحى ملك فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيئ ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع فاذا رأتها الشمس طلعت فى طرفة عين وقد امرت ان لا تطلع حتى ترى الخرزة البيضاء فاذا طلعت جاء النهار فنشر النور من تحت جناحى ملك فلنور النهار ملك موكل ولظلمة الليل ملك موكل عند الطلوع والغروب كما وردت الاخبار.