خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَٰفِلُونَ
١٣١
-الأنعام

روح البيان في تفسير القرآن

{ ذلك } اى ارسال الرسل { ان } اللام مقدرة وهى مخففة اى لان الشأن { لم يكن ربك مهلك القرى بظلم } اى بسبب ظلم منها { واهلها غافلون } لم يرسل اليهم رسول يبين لهم. قال البغوى وذلك ان الله تعالى اجرى السنة اى لا يأخذ احدا الا بعد وجود الذنب وانما يكون مذنبا اذا امر فلم يأتمر ونهى فلم ينته ويكون ذلك بعد انذار الرسل. وهو التفسير الفارسى [استئصال هيج قوم نباشد الا بعد از تقدم وعيد واكرنه ايشانرا برحق حجت باشدكه لولا ارسلت الينا رسولا فنتبع آياتك].
قال فى التأويلات النجمية الاستعداد الروحانى لا يفسد باستيفاء الحظ الحيوانى فى الطفولية الا بعد ان يصير العبد مستعدا لقبول فيض العقل وفيض الهام الحق عند البلوغ فيخالف الالهام ويتبع الهوى فيفسد بذلك حسن الاستعداد لقبول الفيض الالهي كقوله تعالى
{ { ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله } [ص: 26].
وهذا كما انه تعالى لا يعذب قوما ما بلغتهم الدعوة حتى يبعث فيهم رسولا فيخالفونه فيعذبهم بها وقد عبر لسان الشرع عن هذا المعنى بان لا يجرى عليه قلم تكاليف الشريعة الا بعد البلوغ بالاوامر والنواهى لانه اوان ترقى الروح باستعمال المأمورات ونقصانه باستعمال المنهيات انتهى. فعلى العاقل ان يتدارك حاله ويخاف من الخطاب القهرى يوم القيامة

كر بمحشر خطاب قهر كند انيسارا جه جاى معذرتست

قال الحسن البصرىرحمه الله الناس فى هذه الدنيا على خمسة اصناف. العلماء وهم ورثة الانبياء. والزهاد وهم الادلاء. والغزاة وهم اسياف الله. والتجار وهم امناء الله. والملوك وم رعاة الخلق فاذا اصبح العالم طامعا وللمال جامعا فبمن يقتدى ولذا قال من قال

شيخ جون مائل بمال آيد مريد او معاش مائل دينار هر كز مالك ديدار نيست

واذا اصبح الزاهد راغبا فبمن يستدل ويهتدى

اززاهدان خشك رسائى طمع مدار سيل ضعيف واصل دريا نميشود

واذا اصبح الغازى مرائيا والمرائى لا عمل له فمن يظفر بالاعداء

عبادت بالاخلاص نيت نكوست وكرنه جه آيد زبى مغز بوست

واذا كان التاجر خائنا فمن يؤمن ويرتضى

درين زمانه مكر جبرئيل امين باشد واذا اصبح الملك ذئبا فمن يحفظ الغنم ويرعى
بادشاهى كه طرح ظلم افكند باى ديوار ملك خويش بكند
نكند جور بيشه سلطانى كه نيايد زكرك جوبانى

والله ما هلك الناس الا العلماء المداهنون والزهاد الراغبون والغزاة المراؤون والتجار الخائنون والملوك الظالمون { وسيعلم الذين ظلموا اىّ منقلب ينقلبون } ثم ان الاحكام الالهية قد بلغت الى كل اقليم وبلغ الشاهد الغائب الى يومنا هذا من قديم وامتلاء الآذان من سماع الحق والكلام المطلق فلم يبق للسلطان ولا للوزير ولا لغيرهما من الوضيع والخطير عذر ينجيه من الهلاك وقهر مالك الاملاك والتنبيه مقدم لكل خامل ونبيه فهلاك القرى واهلها وظهور الظلمات فرعها واصلها انما هو من غفلة الانسان ايقظه الله الملك المنان فلا تلومن عند وجود التنزل الا نفسك الابية وظهور التسفل الا طبيعتك الغبية فقد استبان البرهان والحجة ووضع لسالكيها المحجة ألم تسمع الى قوله تعالى { { فلله الحجة البالغة } [الأنعام: 149].
واراك انك القمت الحجر ولا تدرى ما فعل بك بل تتمادى فى تعبك وتتمرغ فى غضبك فعالج نفسك ايها المريض قبل الحلول الى الحضيض.