{ والذين كذبوا بآياتنا } وهى ما ينطق به الرسل عليهم عند التبشير والانذار ويبلغونه الى الامم { يمسهم العذاب } الاليم واسند المس الى العذاب مع ان حقه ان يسند الى الاحياء لكونه من الافعال المسبوقة بالقصد والاختيار على طريق الاستعارة بالكناية فجعل كأنه حى يطلب ايلامهم والوصول اليهم { بما كانوا يفسقون } اى بسبب فسقهم المستمر الذى هو الاصرار على الخروج عن التصديق والطاعة وفى الآيات ترغيب وترهيب: وفى الكلمات القدسية "يا ابن آدم لا تأمن مكرى حتى تجوز على الصراط" ـ روى ـ ان الله تعالى قال يا ابراهيم ما هذا الوجل الشديد الذى اراه منك فقال يا رب كيف لا اوجل وآدم ابى كان محله القرب منك خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وامرت الملائكة بالسجود له فبمعصية واحدة اخرجته من جوارك فاوحى الله تعالى اليه يا ابراهيم اما عرفت ان معصية الحبيب على الحبيب شديدة "وعن مالك ابن دينار قال دخلت جبانة البصرة فاذا انا بسعدون المجنون فقلت كيف حالك وكيف انت قال يا مالك كيف يكون حال من امسى واصبح يريد سفرا بعيدا بلا اهبة ولا زاد ويقدم على رب عدل حاكم بين العباد ثم بكى بكاء شديدا فقلت ما يبكيك فقال والله ما بكيت حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت والبلى لكن بكيت ليوم مضى من عمرى لم يحسن فيه عمل
كارى كنيم ورنه خجالت بر آورد روزى كه رخت جان بجهان دكر كشيم
ابكانى والله قلة الزاد وبعد المفازة والعقبة الكؤود ولا ادرى بعد ذلك اصير الى الجنة ام الى النار فسمعت منه كلام حكمة فقلت ان الناس يزعمون انك مجنون فقال ما بى جنة ولكن حب مولاى خالط قلبى واحشائى وجرى بين لحمى ودمى وعظامى
درره منزل ليلى كه خطر هاست درو شرط اول قدم آنست كه مجنون باشى
كاروان رفت وتودر خواب وبيابان دربيش كى روى ره زكه برسى جه كنى جون باشى
وعلى تقدير الزلة فليبادر العاقل الى التوبة والاستغفار حتى يتخلص من عذاب الملك القهار كما قال تعالى { { فمن آمن وأصلح فلا } [الأنعام: 48] الخ.
ـ روى ـ ان الملائكة تعرج الى السماء بسيئات العبد فاذا عرضوها على اللوح المحفوظ يجدون مكانها حسنات فيخرون على وجوههم ويقولون ربنا انك تعلم اننا ما كتبنا عليه الا ما عمل فيقول الله تعالى صدقتم ولكن عبدى ندم على خيطئته واستشفع الىّ بدمعته فغفرت ذنبه وجدت عليه بالكرم وانا اكرم الاكرمين فالايمان واصلاح العمل والندم على الزلل سبب النجاة فى الدنيا والآخرة. قال بعض الكبار ان الايمان والاسلام يمكن ان يكونا شيئاً واحدا فى الحقيقة ولكن خص كل منهما بنوع مجازا عرفيا فكل ما كان فيه التصديق القلبى اطلق عليه الايمان لوجود اصل معناه فيه كما لا يخفى