خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ
١٤٨
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ واتخذ قوم موسى من بعده } اى من بعد ذهابه الى الطور ومن للابتداء الغاية { من } للتبعيض { حليهم } جمع حلى كثدى وثدى وهو ما تزين به من الذهب والفضة واضافة الحلى اليهم مع انها كانت للقبط لادنى الملابسة حيث كانوا استعاروها من اربابها حين هموا بالخروج من مصر { عجلا } مفعول اول لقوله اتخذ لانه متعد الى اثنين بمعنى التصيير والمفعول ثانى محذوف اى صيروه آلها والعجل ولد البقر وابو العجل الثور والجمع العجاجيل والانثى عجلة سمى عجلا لاستعجال بنى اسرائيل عبادته وكانت مدة عبادتهم له اربعين يوما فعوقبوا فى التيه اربعين سنة فجعل الله تعالى كل سنة فى مقابلة يوم { جسدا } بدل من عجلا اى جثة ذادم ولحم او جسدا من ذهب لا روح معه فان الجسد اسم لجسم له لحم ودم ويطلق على جثة لا روح لها { له خوار } اى صوت البقر.
وذلك ان موسى كان وعد قومه بالانطلاق الى الجبل ثلاثين يوما فلما تأخر رجوعه قال لهم السامرى رجل من قرية يقال لها سامرة وكان رجلا مطاعا من قوم موسى انكم اخذتم الحلى من آل فرعون فعاقبهم الله بتلك الجناية ومنع موسى عنكم فاجمعوا الحلى حتى احرقها لعل الله يرد علينا موسى او سألوه آلها يعبدونه وقد كان لهم ميل الى عبادة البقر منذ مروا على العمالقة التى كانوا يعبدون تماثيل البقر وذلك بعد عبور النهر وقد مرت قصته فجعل السامر الحلى بعد جمعها فى النار وصاغ لهم من ذلك عجلا لانه كان صاغا والقى فى فمه ترابا من اثر فرس جبريل عليه السلام وكان ذلك الفرس فرس الحياة ما وضع حافره فى موضع الا اخضر وكان قد اتخذ ذلك التراب عند فلق البحر او عند وجهه الى الطور فانقلب ذلك الجسد لحما ودما وظهر فيه خوار وحركة ومشى فقال السامرى هذا آلهكم واله موسى فعبدوه الا اثنى عشر الفا من ستمائة الف وقيل انه جعل ذلك العجل مجوفا وجعل فى جوفه انابيب على شكل مخصوص وكان وضع ذلك التمثال على مهب الريح فكانت الريح تدخل فى تلك الانابيب فظهر منه صوت مخصوص يشبه خوار العجل فاوهم بنى اسرائيل انه حى يخور فزفنوا حوله اى رقصوا.
نقل القرطبى عن الطرطوشى انه سئل عن قو يجتعون فى مكان يقرأون شيا من القرآن ثم ينشد لهم منشد شيأ من الشعر برقصون ويطربون ويضربون بالدف والشنانير هل الحضور معهم حلال اولا.
قال مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة وما الاسلام الا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. واما الرقص والتواجد فاول من احدثه اصحاب السامرى فلما اتخذوه عجلا جسدا له خوار قاموا يرقصون حوله ويتواجدون فهو دين الكفار وعباد العجل وانما كان يجلس النبى عليه السلام مع اصحابه كأنما على رؤسهم الطير من الوقار فينبغى للسلطان ونوابه ان يمنعهم من الحضور فى المساجد وغيرها ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر ان يحضر معهم ولا يعينهم على باطلهم هذا مذهب مالك والشافعى وابى حنيفة واحمد وغيرهم من ائمة المسلمين كذا فى حياة الحيوان.
قال فى نصاب الاحتساب هل يجوز له الرقص فى السماع الجواب لا يجوز ذكر فى الذخيرة انه كبيرة ومن اباحه من المشايخ فذلك للذى صارت حركاته كحركات المرتعش وهل يجوز السماع الجواب ان كان السماع سماع القرآن او الموعظة يجوز وان كان السماع الغناء فهو حرام لان التغنى واستماع الغناء حرام ومن اباحه من مشايخ الصوفية فلمن تخلى عن الهوى وتحلى بالتقوى الى ذلك احتياج المريض الى الدواء.
وله شرائط. احداها ان لا يكون فيهم امرد. والثانية ان لا يكون جمعيتهم الا من جنسهم ليس فيه فاسق ولا اهل دنيا ولا امرأة. والثالثة ان يكون نية القوال الاخلاص لا أخذ الاجرة والطعام. والرابعة ان لا يجتمعوا لاجل طعام او نظر الى فتوح والخامسة لا يقومون الا مغلوبين. والسادسة لا يظهرون الوجد الا صادقين.
قال الشيخ عمر ابن الفارض فى القصيدة الموسومة بنظم الدر

اذهام شوقا بالمناغى وهمّ ان يطير الى اوطانه الاولية
يسكن بالتحريك وهو بمهده اذا ناله ايدى المربى بهزة

قال الامام القاشانى فى شرحه اذا هام الولى واضطرب شوقا الى مركزه الاصلى ووطنه الاولى بسبب مناغاة المناغى وهم طائر روحه الى ان يطير الى عشه ووكره الاولى تهزه ايدى من يربيه فى المهد فيسكن بسبب التحريك من قلقه وهمه بالطيران والمقصودمن ايراد هذا المعنى ان يشير الى فائدة الرقص والحركة فى السماع وذلك ان روح السامه يهم عند السماع ان يرجع الى وطنه المألوف ويفارق النفس والقالب فتحركه يد الحال وتسكنه عما يهم به بسبب التحريك الى حلول الاجل المعلوم وذلك تقدير العزيز العليم انتهى: قال السعدى قدس سره

مكن عيب درويش مدهوش ومست كه غرقست از آن مى زند با دوست
نكويم سماع اى برادر كه جيست مكر مستمع را بدانم كه كيست
كر از برج معنى برد طير او فرشته فروماند از سير او
اكر مرد بازى ولهوست ولاغ قوى تر شود ديوش اندر دماغ
جه مرد سماعست شهوت برست بآواز خوش خفته خيزد نه مست

قال السرورى [جون سماع آواز خوش سبب حركت شد حركت را سماع كفتند] [وجون كسى آواز خوش شنود دروحالتى بيدا شود اين حالت را وجد كويند]: وفى المثنوى

بس غداى عاشقان آمد سماع كه دراو باشد خيال واجتماع
قوتى كيرد خيالات ضمير بلكه صورت كردد ازبانك صفير

واعلم ان الرقص والسماع حال المتلون لا حال المتمكن ولذا تاب سيد الطائفة الجنيد البغدادى قدس سره عن السماع فى زمانه فمن الناس من هو متواجد ومنهم من هو اهل وجد ومنهم من هو اهل وجود. فالاول المبتدئ الذى له انجذاب ضعيف. والثانى المتوسط الذى له انجذاب قوى. والثالث المنتهى الذى له انجذاب قوى وهو مستغن عن الدوران الصورى بالدوران المعنوى بخلاف الاولين ولا بد من العشق فى القلب والصدق فى الحركة حتى يصح الدوران والعلماء وان اختلفوا فى ذلك فمن مثبت ومن ناف لكن الناس متفاوتون والجواز للاهل المستجمع لشرائطه لا لغيره.
قال حضرة الشيخ افتاده افندى قدس سره ليس فى طريقنا رقص ولا فى طريق الشيخ الحاج بيرام ولى ايضا لان الرقص والاصوات كلها انما وضع لدفع الخواطر ولا شيء دفعها اشد تأثيرا من التوحيد ونبينا عليه الصلاة والسلام ولم يلقن الا التوحيد - ذكر - ان عليا قال يوما لا اجد لذة العبادة يا رسول الله فلقنه التوحيد ووصاه ان لا يكلم احدا بما ظهر من آثار التوحيد فلما امتلأ باطنه من انوار التوحيد واضطر الى التكلم جاء الى بئر فتكلم فيها فنبت منها قصب فأخذ راع وعمل منه المزمار وكان ذلك مبدأ لعلم الموسقى وقال قد يقال ان رجلا يقال له عبد المؤمن سمع صوت الافلاك فى دورها فأخذ منه العلم الموسقى ولذلك كان اصله اثنى عشر على عدد البروج ولكن صداها على طرز واحد فالانسان لقابليته الحق به زيادات كذا فى الواقعات المحمودية فقد عرفت من هذا البيان انه ليس فى الطريقة الجلوتية بالجيم دور ورقص بل توحيد وذكر قياما وقعودا بشرائط وآداب وانما يفعله الخلوتية باالخاء المعجمة ما يتوارثون من اكابر اهل الله تعالى لكن انما يقبل منهم ويمدح اذا قارن شرائطه وآدابه كما سبق والا يرد ويذم وقد وجدنا فى زماننا اكثر المجالس الدورية على خلاف موضوعها فالعاقل يختار الطريق الاسلم ويجتنب عن القيل والقال وينظر الى قولهم لكل زمان رجال ولكل رجال مقام وحال.
قال الشيخ ابو العباس من كان من فقراء هذا الزمان آكلا لاموال الظلمة مؤثرا للسماع ففيه نزغة يهودية قال الله تعالى
{ { سماعون للكذب أكالون للسحت } } [المائدة: 42].
وقال الحاتمى السماع فى هذا الزمان لا يقول به مسلم ولا يفتدى بشيخ يعمل السماع وقد عرفت وشاهدت فى هذا الزمان ان المجالس الدورية يحضرها المراد ان الملاح والنساء وحضورهم آفة عظيمة فانهم والاختلاط بهم والصحبة معهم كالسم القاتل ولا شيء اسرع اهلاكا للمرء فى دينه من صحبتهم فانهم حبائل الشيطان ونعوذ بالله من المكر بعد الكرم ومن الحور بعد الكور انه هو الهادى الى طريق وصاله وكاشف القناء عن ذاته وجماله والمواصل الى كماله بعد جماله وجلاله وهو الصاحب والرفيق فى كل طريق { ألم يروا } [آيانديدند ونداستند] { انه } اى العجل { لا يكلمهم } اى ليس فيه شيء من احكام الالوهية حيث لا يقدر على كلام ولا امر ولا نهى { ولا يهديهم سبيلا } اى ولا يرشدهم طريقا الى خير ليأتوه ولا الى شر لينتهوا عنه { اتخذوه } آلها ولو كان آلها لكلمهم وهداهم لان الاله لا يهمل عباده قوله اتخذوه تكرير للذم اى اتخذوه آلها وحسبوا انه خالق الاجسام والقوى والقدر { وكانوا ظالمين } اى واضعين الاشياء فى غير موضعها فلم يكن اتخاذ العجل بدعا منهم.
وفى التفسير الفارسى [در لطائف قشيرى مذكورست كه جه دروست ميان امتى كه مصنوع خودرا برستند وامتى كه عبادت صانع خود كنند]

آنراكه توخاستى نسازد كارت سازنده توست در دو عالم يا رب