خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَطَّعْنَاهُمُ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ إِذِ ٱسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنبَجَسَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
١٦٠
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ وقطعناهم } اى قوم موسى لا الامة المذكورة منهم { اثنتى عشرة } ثانى مفعولى قطع لتضمنه معنى التصيير والتأنيث للحمل على الامة او القطعة اى صيرناهم اثنتى عشرة امة او قطعة متميزا بعضها من بعض { اسباطا } بدل منه ولذلك جمع لان مميز احد عشر الى تسعة عشر يكون مفردا منصوبا واسباطا جمع فلا يصلح ان يكون مميزا له وهى جمع سبط والسبط من ولد اسحق كالقبيلة من ولد اسماعيل وهو فى الاصل ولد الولد { امما } بدل بعد بدل جمع امة وهى بمعنى الجماعة وانحصر فرق بنى اسرائيل فى اثنتى عشرة فرقة لانهم تشبعوا من اثنى عشر رجلا من اولاد يعقوب فانعم الله عليهم بهذا التقطيع والتمييز لتنظيم احوالهم ويتيسر عيشهم وكانوا اقواما متباغضة متعصبة { واوحينا الى موسى اذ استسقيه قومه } اى طلبوا منه الماء حين استولى عليهم العطش فى التيه الذى وقعوا فيه بسوء صنيعهم { ان } مفسرة لفعل الايحاء { اضرب بعصاك } كان عصاه من آس الجنة وكان آدم حملها معه من الجنة الى الارض فتوارثها الانبياء صاغرا عن كابر حتى وصلت الى شعيب فاعطاها موسى { الحجر } قد سبق فى البقرة على الاختلاف الواقع فيه.
وقال فى التفسير الفارسى [آن سنك راكه جون بتيه در آمدى باتو بسخن درآمدكه مرابرداركه ترابكار آيم وتوبراشتى وحالا درتوبره دارى موسى عليه السلام عصابران سنك زد] { فانبجست } [بس شكافته شد وكشاده كشت] { منه } [ازآن سنك] { اثنتا عشرة عينا } [دوازده جشمه] بعدد الاسباط.
قال الحدادى الا بنجاس خروج الماء قليلا والانفجار خروجه واسعا وانما قال فانبجست لان الماء كان يخرج من الحجر فى الابتداء قليلا يتسع فاجتمع فيه صفة الانبجاس والانفجار { قد علم كل اناس } كل سبط عبر عنهم بذلك ايذانا بكثرة كل واحد من الاسباط { مشربهم } اى عينهم الخاصة بهم وكان كل سبط يشربون من عين لا يخالطهم فيها غيرهم للعصبية التى لا كانت بينهم.
قال ابن الشيخ كان فى ذلك الحجر اثنتا عشرة حفرة فكانوا اذا نزلوا وضعوا الحجر وجاء كل سبط الى حفرته فحفروا الجلد اول الى اهلهم فذلك قوله تعالى { قد علم كل اناس مشربهم } اى موضع شربهم { وظللنا عليهم الغمام } اى جعلناها بحيث تلقى عليهم ظلها تسير فى التيه بسيرهم وتسكن باقامتهم لتقيهم حر الشمس فى النهار وكان ينزل بالليل عمود من نار يسيرون بضوئه { وانزلنا عليهم المن } الترنجبين.
قال فى القاموس المن كل طل ينزل من السماء على شجر او حجر ويحلو وينعقد عسلا ويجف جفاف الصمغ كالشير حشت والترنجبين { والسلوى } قال القزوينى وابن البيطار انه السمانى وقال غيرهما طائر قريب من السمانى.
قال فى التفسير الفارسى [مرغى بر شكل سمانى وآن طائر بست در طرف يمن از كنجشك يزركتر وازكبوتر خردتر] وانما سمى سلوى لان الانسان يسلو به عن سائر الادام.
وفى الحديث
"اطيب اللحم لحم الطير"
. وفى الحديث ايضا "سيد الادام فى الدنيا والآخرة اللحم وسيد الشراب فى الدنيا والآخرة الماء وسيد الرياحين فى الدنيا والآخرة الفاغية"
. ويدل على كون اللحم سيد الطعام ايضا قوله صلى الله عليه وسلم "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"
. قيل كان ينزل عليهم المن مثل الثلج من الفجر الى الطلوع لكل انسان صاع وتبعث الجنوب عليهم السمانى فيذبح الرجل منه ما يكفيه { كلوا } اى قلنا لهم كلوا { من طيبات ما رزقناكم } اى مستلذاته وما موصولة كانت او موصوفة عبارة عن المن والسلوى.
قال فى التفسير الفارسى [از باكيزها آنجه بمحض عنايت روزى كرديم شمارا يعنى هرجه روزى ميرسد بخوريدوبراى خود ذخيره منهيد بس ايشان خرف كرده وذخيره مى نهادند همه متعفن ومتغير ميشد] { وما ظلمونا } عطف على جملة محذوفة للايجاز اى فظلموا بان كفروا بتلك النعم الجليلة وما ظلمونا بذلك { ولكن كانوا انفسهم يظلمون } اذ لا يتخطاهم ضرره.
قال الحدادى اى يضرون انفسهم باستيجابهم عذابى وقطع مادة الرزق الذى كان ينزل عليهم بلا كلفة ولا مشقة فى الدنيا ولا حساب ولا تبعة فى العقبى.