خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ
١٨
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال } الله تعالى لابليس { اخرج منها } اى من الجنة حال كونك { مذؤما } اى مذموما من ذأمه اذا ذمه فالذام من المهموز العين والذم من المضاعف كلاهما بمعنى واحد وهو التعييب البليغ { مدحورا } اى مطرودا فاللعين مطرود من الجنة ومن كل خير لعجبه ونظره الى نفسه ففيه عبرة لكل مخلوق بعده { لمن اتبعك منهم } اللام لتوطئة القسم ومن شرطية ومعناه بالفارسية [بخداى كه هركه دربى توبيايد از اولاد آدم] { لأملأن جهنم منكم اجمعين } جواب القسم وهو ساد مسد جواب الشرط ومعنى منكم اى من ومن ذريتك ومن كفار ذرية آدم وفى الحديث "تحاجت النار والجنة فقالت هذه يدخلنى الجبارون المتكبرون وقالت هذه يدخلنى الضعفاء والمساكين فقال الله تعالى لهذه انت عذابى اعذب بك من اشاء وقال لهذه انت رحمتى ارحم بك من اشاء ولكل واحدة منكما ملؤها"
. والتابعون للشيطان هم الذين يأتيهم من الجهات الاربع المذكورة فيقبلون منه ما امره فليحذر العاقل عن متابعته وليجتهد فى طاعة الله وعبادته حتى لا يدخل النار مع الداخلين وفى الحديث "اذا كان يوم القيامة رفع الى كل مؤمن رجل من اهل الملل فقيل هذا فداؤك من النار"
. وفى هذا الحديث دليل على كمال لطف الله بعباده وكرامتهم عليه حيث فدى اولياءه باعدائه ويحتمل ان يكون معنى الفداء ان الله تعالى وعد النار ليملأها من الجنة والناس فهى تستنجز الله موعده فى المشركين وعصاة المؤمنين فيرضيها الله تعالى بما يقدم اليها من الكفار فيكون ذلك كالمفاداة عن المؤمنين.
وقال بعضهم معناه ان المؤمنين يتوقون بالكفار من نفح النار اذا مروا على الصراط فيكونون وقاية وفداء لاهل الاسلام.
قال بعضهم رأيت ابا بكر بن الحسين المقرى فى المنام فى الليلة التى دفن فيها فقلت له ايها الاستاذ ما فعل الله بك قال ان الله تعالى اقام ابا الحسن العامرى صاحب الفلسفة فدائى وقال هذا فداؤك من النار وقد كان ابو الحسن توفى فى الليلة التى توفى فيها ابو بكر المقرى وفى الحديث
"يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب امثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى"
. ولا يستبعد من فضل الله مع اهل الاسلام والايمان ان يفديهم باهل الكفر والطغيان وذلك عدل من الله مع اهل المعصية وفضل على اهل طاعته خلافا للمعتزلة فانهم انكروا هذه واستدلوا بقوله تعالى { { ولا تزر وازرة وزر أخرى } [الزمر: 7].
والذى صاروا اليه خلاف الكتاب والسنة قال الله تعالى
{ { وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم } [العنكبوت: 13].
فلا يصح استدلالهم بالآية لان كل كافر معاقب بوزره.