خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
١٨٣
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ وأُملى لهم } الاملاء اطالة مدة احدهم بابقائه على ما هو عليه وعدم الاستعجال فى مؤاخذته.
قال المولى ابو السعود عطف سنستدرجهم غير داخل فى حكم السين لما ان الاملاء وهو عبارة عن الامهال والاطالة وليس من الامور التدريجية كالاستدراج الحاصل فى نفسه شيأ فشيأ بل هو فعل يحصل دفعة وانما الحاصل بطريق التدريج آثاره واحكامه لا نفسه كما يلوح به تغيير التعبير بتوحيد الضمير { ان كيدى متين } اى ان اخذى شديد وانما سماه كيدا لان ظاهره احسان وباطنه خذلان.
قال سعدى جلبى المفتى الاولى ان يقول سماه كيدا لنزوله بهم من حيث لا يشعرون والكيد الاخذ بخفية. وقال الحدادى الكيد هو الاضرار بالشئ من حيث لا يشعر به. قال فى الحكم العطائية خف من وجود احسانه اليك ودوام اسائتك معه ان يكون ذلك استدراجا لك قال الله تعالى
{ { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } [الأعراف: 182].
قال سهل رضى الله عنه فى معنى هذه الآية نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها فاذا ركنوا الى النعمة وحجبوا عن المنعم اخذوا.
وقال ابو العباس بن عطاء يعنى كلما احدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وانسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة.
وقال الشيخ ابو القاسم القشيرىرحمه الله . الاستدراج تواتر المنة بغير خوف الفتنة الاستدراج انتشار الذكر دون خوف المكر. الاستدراج التمكن من المنية والصرف عن البغية. الاستدراج تعليل برجاء وتأميل بغير وفاء. الاستدراج ظاهر مضبوط وسر بالاغيار منوط انتهى. ومن وجوه الاستدراج ان يجهل المريد بنفسه وبحق ربه فيسئ الادب باظهار دعوى او تورط فى بلوى فتؤخر العقوبة عنه امهالا له فيظنه اهمالا فيقول لو كان هذا سوء ادب لقطع الامداد فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر ولو لم يكن من قطع المدد عنه من حيث لا يشعر الا منع المزيد لكان قطعا لان من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان.
وكان احمد بن حنبل رضى الله عنه يوصى بعض اصحابه ويقول خف من سطوة العدل وارج الفضل ولا تأمن مكره ولو ادخلك الجنة وقع لابيك آدم ما وقع.
فان قلت ما الحكمة فى امهال الله العصاة فى الدنيا.
قلت ليرى العباد ان العفو والاحسان احب اليه من الاخذ والانتقام وليعلموا شفقته وبره وكرمه وان رحمته سبقت غضبه وامهاله تعالى من اخلاق كرمه وجوده. وقيل يمهل من يشاء حكمة ليأخذ الظالم اخذ عزيز مقتدر ويعجل عقوبة من يشاء رحمه منه وتخفيفا بالنسبة الى عذاب الآخرة.
فعلى العاقل ان يخاف من المكر الالهى ويرى الفقر والانكسار نعمة واكراما فان الله تعالى يحب الفقراء وهو عند المنكسرة قلوبهم وحال الدنيا ليس على القرار تسلب كما تهب وتهب كما تسلب: ونعم ما قيل

زمانه به نيك وبد آيستن است ستاره كهى دوست وكه دشمن است