خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْيَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٣٣
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ
٣٤
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل انما حرم ربى الفواحش } اى ما تفاحش قبحه من الذنوب وتزايد وهى الكبائر { ما ظهر منها وما بطن } بدل من الفواحش اى جهرها وسرها كالكفر والنفاق وغيرهما { والاثم } اى ما يوجب الاثم وهو يعم الصغائر والكبائر { والبغى } اى الظلم او الكبر افرده بالذكر مع دخوله فى الاثم للمبالغة فى الزجر عنه { بغير الحق } متعلق بالبغى مؤكد له لان البغى لا يكون بالحق { وان تشركوا بالله } معطوف على مفعول حرم اى وحرم عليكم اشراككم به تعالى { ما لم ينزل به } اى باشراكه وعبادته { سلطانا } اى حجة وبرهانا وهو تهكم بالمشركين لانه اذا لم يجز انزال البرهان بالاشراك كان ذكر ذلك تهكما بهم واستهزاء ومعلوم انه لا برهان عليه حتى ينزل { وان تقولوا على الله ما لا تعلمون } بالالحاد فى صفاته والافتراء عليه كقولهم والله امرنا بها.
وفى التأويلات النجمية الفواحش ما يقطع على العبد طريق الرب ويمنعه عن السلوك ففاحشة العوام ما ظهر منها ارتكاب المناهى وما بطن خطورها بالبال وفاحشة الخواص ما ظهر منها ما لانفسهم نصيب فيه ولو بذرة وما بطن الصبر عن المحبوب ولو بلحظة وفاحشة الاخص ما ظهر منها ترك ادب من الآداب او التعلق بسبب من الاسباب وما بطن منها الركون الى شئ من الدارين والالتفات الى غير الله من العالمين والاثم هو الاعراض عن الله ولو طرفة عين والبغى هو حب غير الله فانه وضع فى غير موضعه وان تشركوا بالله يعنى وان تستعينوا بغير الله ما لم ينزل به سلطانا اى ما لم يكن لكم به حجة ورخصة من الشريعة المنزلة وان تقولوا على الله ما لا تعلمون اى وان تحكموا بفتوى النفس وهواها او تقولوا بنظر العقل على الله ما لا تعلمون حقيقته وفيه معنى آخر وان تقولوا فى معرفة الله وبيان احوال السائرين وشرح المقامات واثبات الكرامات ما أنتم عنه غافلون ولستم به عارفين انتهى ثم هدد الله المشركين المكذبين للرسل بقوله { ولكل امة } من الامم المهلكة { اجل } حد معين من الزمان مضروب لمهلكهم { فاذا جاء اجلهم } الضمير لكل امة خاصة حيث لم يقل آجالهم اى اذا جاءها اجلها الخاص بها والوقت المعين لنزول عذاب الاستئصال عليها { لا يستأخرون } عن ذلك الاجل { ساعة } اى شيأ قليلا من الزمان فانها مثل فى غاية القلة منه اى لا يتأخرون اصلا وصيغة الاستفعال للاشعار بعجزهم وحرمانهم من ذلك مع طلبهم له { ولا يستقدمون } اى لا يتقدمون عليه

اجل جون فردا آيدت بيش وبس بيش وبس نكذار دست يكنفس

ـ روى ـ ان بعض الملوك كان متنسكا ثم رجع ومال الى الدنيا ورياسة الملك وبنى دارا وشيدها وأمر بها ففرشت ونجدت واتخذ مائدة ووضع طعاما ودعا الناس فجعلوا يدخلون عليه ويأكلون ويشربون وينظرون الى بنائه ويتعجبون من ذلك ويدعون له وينصرفون فمكث بذلك اياما ثم جلس هو ونفر من خاصة اصحابه فقال قد ترون سرورى بدارى هذه وقد حدثت نفسى ان اتخذ لكل واحد من اولادى مثلها فاقيموا عندى اياما استأنس بحديثكم واشاوركم فيما اريد من هذا البناء فاقاموا عنده اياما يلهون ويلعبون ويشاورهم كيف يبنى وكيف يصنع ويرتب ذلك فبينما هم ذات ليلة فى لهوهم اذ سمعوا قائلا من اقصى الدار يقول

يا ايها البانى الناسى لميتته لا تأمنن فان الموت مكتوب
هذى الخلائق ان سروا وان فرحوا فالموت حتف لدى الآمال منصوب
لاتبنين ديارا لست تسكنها وارجع النسك كما يغفر الحوب

ففزع لذلك وفزع اصحابه فزعا شديدا وراعهم فقال هل سمعتم ما سمعت قالوا نعم قال فهل تجدون ما اجد قالوا وما تجد قال مسكة على فؤادى وما اراها الا علة الموت فقالوا كلا بل البقاء والعافية فبكى ثم امر بالشراب فاهريق وبالملاهى فاخرجت او قال فكسرت وتاب الى الله سبحانه ولم يزل يقول الموت الموت حتى خرجت نفسهرحمه الله : قال السعدى

خواجه دربند نقش ايوانست خانه از باى بست ويرانست

وقال:

آنكه قرارش نكرفتى وخواب تاكل ونسرين نفشاندى نخست
كردش كيتى كل رويش بريخت خاربنان بر سرخاكش برست

والاشارة { ولكل امة اجل } اى لكل قوم من السائرين الى الله والى الجنة والى النار مدة معلومة ومهلة موقتة { فاذا جاء اجلهم } مدتهم كما قدر الله فى الازل { لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } هذا وعد للاولياء استمالة لقلوبهم ووعيد للاعداء سياسة لنفوسهم كذا فى التأويلات النجمية.