خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ
٨٤
-الأعراف

روح البيان في تفسير القرآن

{ وامطرنا } [بارانيديم] { عليهم } [بركفا قوم لوط] { مطرا } نوعا من المطر عجيبا وهى الحجارة اى ارسلنا عليهو الحجارة ارسال المطر { فانظر } خطاب لكل من يتأتى منه التأمل والنظر تعجيبا من حالهم وتحذيرا من اعمالهم { كيف كان عاقبة المجرمين } اى تفكر فى آخر امر الكافرين المكذبين كيف فعلنا بهم.
قيل كان السبب فى اختراعهم هذه الخصلة القبيحة اى اللواطة ان بلادهم وهى ارض الشام اخصبت بانواع الثمار والحبوب فتوجه اليهم الناس من النواحى والاطراف لطلب المعروف فتأذوا من كثرة ورود الفقراء فعرض لهم ابليس فى صورة شيخ وقال ان فعلتم بهم كذا وكذا نجوتم منهم فابوا فلما الحّ الناس عليهم قصدوهم فاصابوا غلمانا صباحا فاخبثوا فاستحكم فيهم ذلك وكانوا لا ينكحون الا الغرباء.
وقال الكلبى او لمن فعل به ذلك الفعل ابليس الخبيث حيث تمثل لهم فى صورة شاب جميل فدعاهم الى نفسه ثم عملوا ذلك العمل بكل من ورد عليهم من المرد قضاء لشهوتهم ودفعا لهجوم الناس عليهم وعاشوا بذلك العمل زمانا فلما كثر فيهم عجت الارض الى ربها فسمعت السماء فعجت الى ربها فسمع العرش فعج الى ربه فامر الله السماء ان تحصبهم والارض ان تخسف بهم امطروا اولا بالحجارة ثم خسف بهم الارض وقيل خسف بالمقيمين منهم وامطرت الحجارة على مسافريهم -وروى- ان تاجرا منهم كان فى الحرم فوقف له الحجر اربعين يوما حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه.
دلت الآية على ان اللواطة افحش الفواحش واقبحها لان الله تعالى ما امطر الحجارة على اهل الذنوب العظام مثل الزنى والعقوق والسرقة والقتل بغير الحق وغير ذلك من الكبائر حتى الشرك.
قال ابن سيرين ليس من شيء من الدواب يعمل هذا العمل الا الخنزير والحمار فاللواطة ذنب عظيم يجب ان يحترز عنها وعن مباديها ايضا كاللمس والقبلة.
قال الامام من قبل غلاما بشهوة فكأنما زنى بامه سبعين مرة ومن زنى مع امه مرة فكأنما زنى بسبعين بكرا ومن زنى من البكر مرة فكأنما زنى مع سبعين الف امرأة وضرر النظر فى الامرد اشد لامتناع الوصول فى الشرع لانه لا يجل الاستمتاع بالامرد ابدا: قال الشيخ سعدى قدس سره

خرابت كند شاهد خانه كن بروخانه آباد كردان بزن
نشايد هوس باختن باكلى كه هر بامدادش بود بلبلى
مكن بد بفرزند مردم نكاه كه فرزند خويشت بر آيد تباه
جرا طفل يك روزه هوشش نبرد كه در صنع ديدن جه بالغ جه خر
محقق همى بيند اندر ابل كه در خوب رويان جين وجكل

- وحكى - ان سليمان بن داود عليهما السلام قال يوما لعفريت من الجن ويلك اين ابليس قال يا نبى الله هل امرت فيه بشيء قال لا قال اين هو قال انطلق يا نبى الله فانطلق ومشى العفريت بين يدى سليمان حتى هجم به على البحر فاذا ابليس على بساط على الماء فلما رأى سليمان ذعر منه وفرق فقام فتلقاه فقال يا نبى الله هل امرت فىّ بشيء قال لا ولكن جئت لأسألك عن احب الاشياء اليك وابغضها الى الله تعالى فقال ابليس اما والله لولا ممشاك الى ما اخبرتك ليس شيء ابغض الى الله تعالى من ان يأتى الرجل الرجل والمرأة المرأة وفى الحديث "سحاق النساء زنى بينهن" وفى ملتقطة الناصرى الغلام اذا بلغ مبلغ الرجال ولم يكن صبيحا فحكمه حكم الرجال وان كان صبيحاً فحكمه حكم النساء وهو عورة من قرنه الى قدمه يعنى لا يحل النظر اليه عن شهوة فاما السلام والنظر لا عن شهوة فلا بأس به ولذا لم يؤمر بالنقاب والامرد اذا كان يجلسه صبيحا فاراد ان يخرج فى طلب العلم فلابيه ان يمنعه.
وكان محمد بن الحسن صبيحا وكان ابو حنيفة يجلسه فى درسه خلف ظهره او خلف سارية المسجد حتى لا يقع عليه بصره مخافة من خيانة العين مع كمال تقواه حتى ان واحدا من العلماء مات فرؤى فى المنام قد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال رأيت غلاما فى موضع كذا فنظرت اليه فاحترق وجهى فى النار.
قال القاضى سمعت الامام يقول ان مع كل امرأة شيطانين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا ويكره مجالسة الاحداث والصبيان والسفهاء لانه يذهب بالمهابة ويورث التهمة: قال الشيخ سعدى

جو خواهى كه قدرت بماند بلند دل اى خواجه درساده رويان مبند
وكر خود نباشد غرض درميان حذركن كه دارد بحرمت زيان

ويكره بيع الامرد ممن يعلم انه يفضى اليه غالبا لانه اعانه على المعصية.
فان قلنا سلمنا ان الغلام ليس محلا للحرث والتولد لكنه يكون محلا لقضاء الشهوة واستيفاء اللذة فالعقل يقتضى ان يتصرف المالك فى ملكه كيف يشاء.
قلت الشرع لم يأذن فى هذا المحل بالتصرف لغاية قباحته ونهاية خباثته ومجرد المملوكية لا يقتضى التصرف فى المملوك ألا ترى ان ملك مجوسية او وثنية لم يجز له تصرف فيهما اصلا ما لم تدخلا فى الاسلام وكذا لا يجوز التصرف للسيدة فى عبدها المملوك فى محل لم يأذن الشرع بالتصرف فيه كالتقبيل والتفخيذ وغيرها من دواعى الوطء فلو جاز للسيد التصرف فى عبده بطريق الاولى لكونها محلا للحرث.
والاتيان فى دبر الذكر هو اللواطة الكبرى وفى دبر المرأة هو اللواطة الصغرى وفى الحديث
"ملعون من اتى امرأة فى دبرها" وهل تجوز اللواطة فى الجنة قيل ان كان حرمتها عقلا وسمعا لا تجوز وان كان سمعا فقط تجوز والصحيح انها لا تجوز فيها لان الله تعالى استبعدها واستقبحها فقال { ما سبقكم بها من احد من العالمين } وسماها خبيثة فقال { كانت تعمل الخبائث } والجنة منزهة عنها.
قال المولى زيرك زاده فى حواشى الاشباهرحمه الله تعالى رحمة واسعة قد قال الله تعالى { ويطوف عليهم ولدان مخلدون اذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا } وفى موضع آخر { ولكم فيها ما تشتهى انفسكم } والآية تدل على ان فى الجنة مردا ملاحا وبعيد ان يكونوا غر مشتهين وغير المعقول فى الدنيا ان يكون خلاف الوضع والاستقذار وقطع النسل واما فى النشأة الاخروية فهذه المحذورات منتفية انتهى كلام زيرك زاده.
يقول الفقير هذا ليس بمرضى عند القلب السليم والعقل المستقيم يأبى عنه من يعرف القبيح من الحسن ويتنفر من يميز الزيوف والنبهرج من النقد الجيد المستحسن. فان الطواف فى الآية الاولى انما يدل على كونهم خدام اهل الجنة وان اهل الجنة يتلذذون بالنظر الى جمالهم وبهجتهم وهذا لا يقتضى التلذذ بالاستمتاع ايضا كما فى حق الحور. والاشتهاء فى الآية الثانية وان كان عاما لكنه يجوز ان لا تكون اللواطة مشتهاة لاهل الجنة للحكمة التى عليها مدار حرمتها فى جميع الاديان كالزنى بخلاف الخمر فانها كانت حلالا فى بعض الاديان ولذا صارت من نعيم الجنان ايضا ومطلق ارتفاع موانع الحرمة لا يقتضى الحل والجواز ألا ترى الى تستر اهل الجنة عند الوقاع فان اهليهم لا يظهرن لغير المحارم كما فى الواقعات المحمودية هذا.
واما حكم الوطء بحسب الشرع فذهب الشافعى الى انه يقتل.
وذهب بن حنبل الى انه يرجم وان كان غير محصن.
قال فى شرح الوقاية ان من اتى دبر اجنبى او امرأة فعند ابى حنيفة لا يحد بل يعزر ويودع فى السجن حتى يتوب وعندهما يحد حد الزنى فيجلد ان لم يكن محصنا ويرجم ان كان محصنا قال قيدنا بدبر الاجنبى لانه لو فعل ذلك بعبده او امته او بمنكوحته لايحد اتفاقا لهما ان الصحابة اجمعوا على حده ولكن اختلفوا فى وجوهه فقال بعضهم يحبس فى انتن المواضع حتى يموت وقال بعضهم يهدم عليه الجدار انتهى وقد يقال يلقى من مكان عال كالمنارة.
قال ابو بكر الوراق يحرق بالنار صرح بهم فى شرح المجمع.
قال فى الزيادات والرأى الى الامام ان شاء قتله ان اعتاد ذلك وان شاء حبسه كما فى شرح الاكمل.
والظاهر ان ما ذهب اليه ابو حنيفة انما هو استعظام لذلك الفعل فانه ليس فى القبح بحيث ان يجازى كالقتل والزنى وانما التعزير لتسكين الفتنة الناجزة كما انه يقول فى اليمين الغموس انه لا يجب فيه الكفارة لانه لعظمه لا يستتر بالكفارة.
وفى كتاب الحظر والاباحة رجل وطء بهيمة.
قال ابو حنيفة ان كانت البهيمة للواطء يقال له اذبحها واحرقها ان كانت مأكولة وان لم تكن مما تؤكل تذبح ولا تحرق.
قال فى ترجمة الجلد الاخير من الفتوحات الملكية [وازنكاح بهايم اجتناب كن نه شرع است ونه دين ونه مروت شخصى بود صالح اما قليل العلم درخانه خود منقطع بود ناكاه بهيمه خريد وبادرا بدان حاجتى ظاهر نه بعد از جند سال كسى ازوى برسيد تواين را جه ميكنى وترابوى شغلى وحاجتى نيست كفت دين خودرا باين محافظت ميكنم اوخود با آن بهيمه جمع مى آمده است تااززنا معصوم ماند اورا اعلام كردندكه آن حرامست وصاحب شرع نهى فرموده است بسيار كريست وتوبه كرد وكفت ندانستم بس برتو فرض عين است كه از دين خوم باز جويى وحلال وحرام را تمييز كنى تاتصرفات تو بطريق استقامت باشد انتهى كلام الترجمة] وفى الحديث
"من لم يستطع فعليه بالصوم" استدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لانه ارشد عنه العجز عن التزوج الى الصوم الذى يقطع الشهوة فلو كان الاسستمناء مباحا لكان الارشاد اليه اسهل وقد اباح الاستنماء طائفة من العملاء وهو عند الحنابلة وبعض الحنفية لاجل تسكين الشهوة جائز.
وفى رواية الخلاصة الصائم اذا عالج ذكره حتى امنى يجب عليه القضاء ولا كفارة عليه ولا يحل هذا الفعل خارج رمضان ان قصد قضاها الشهوة وان قصد تسكين شهوته ارجو ان لا يكون عليه وبال.
وفى بعض حواشى البخارى والاستمناء باليد الحرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى { والذين هم لفروجهم حافظون } الى قوله { فاولئك هم العادون } اى الظالمون المتجاوزون الحلال الى الحرام.
قال البغوى فى الآية دليل على ان الاستنماء باليد حرام.
قال ابن جريج سألت عطاء عنه فقال سمعت ان قوما يحشرون وايديهم حبالى واظنهم هؤلاء.
وعن سعيد بن جبير عذب الله امة كانوا يعبثون بمذاكيرهم والواجب على فاعله التعزيز كما قال ابن الملقن وغيره نعم يباح عند ابى حنيفة واحمد رحمهما الله اذا خاف على نفسه الفتنة وكذلك يباح الاستنماء بيد زوجته او جاريته لكن قال القاضى حسين مع الكراهة لانه فى معنى العزل وفى التارخانية قال ابو حنيفة حسبه ان ينجو رأسا برأس كذا فى انوار المشارق لمفتى حلب الشهباء والله اعلم.