خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ
١٨
-الأنفال

روح البيان في تفسير القرآن

{ ذلكم } اشارة الى البلاء الحسن ومحله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف وقوله تعالى { وإن الله موهن كيد الكافرين } معطوف على ذلكم اى المقصود ابلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وابطال حيلهم. والايهان [سست كردن] والنعت موهون كذا فى تاج المصادر. والوهن الضعف والكيد المكر والحيلة والحرب.
وفى الآية اشارة الى ان التأثير من الله تعالى والعبد آلة فى البين فينبغى للمرء ان لا يعجب بنفسه وعمله ولذا قال الله تعالى
{ { فلم تقتلوهم } [الأنفال: 17].
واظهر منته عليهم والعجب استعظام العمل الصالح من غير ذكر التوفيق
قال المسيح عليه السلام يا معشر الحواريين كم من سراج قد اطفأته الريح وكم من عابد قد افسده العجب.
واعلم ان الناس فى العجب ثلاثة اصناف. صنف هم معجبون بكل حال وهم المعتزلة والقدرية الذين لا يرون الله تعالى عليهم منة فى افعالهم وينكرون العون والتوفيق الخاص واللطف وتلك الشبهة استولت عليهم. وصنف هم الذاكرون المنة بكل حال وهم المستقيمون لا يعجبون بشئ من الاعمال وذلك لبصيرة اكرموا بها وتأييد خصوا به. والصنف الثالث المخلطون وهم عامة اهل السنة تارة ينتبهون فيذكرون منة الله تعالى وتارة يغفلون فيعجبون وذلك لمكان الغفلة العارضة والفترة فى الاجتهاد والنقص فى البصيرة فحق للعاقل ان يرى حقارة عمله وقلة مقداره من حيث هو وان يرى ان منة الله عليه اشرف من قدر عمله واعظم من جزائه وان يحذر على فعله من ان يقع على وجه لا يصلح لله تعالى ولا يقع منه موقع الرضى فتذهب عنه القيمة التى حصلت له ويعود الى ما كان فى الاصل من الثمن الحقير من دراهم او دوانق ومثاله ان العنقود من العنب او الاضبارة من الريحان تكون قيمته فى السوق دانقا فاذا اهداه واخد الى الملك دستجة فوقع منه موقع الرضى يهب له على ذلك الف دينار فصار ما قيمته حبة بالف دينار فاذا لم يرضه الملك اورده عليه رجع الى قيمته الخسيسة من حبة او دانق فكذلك ما نحن فيه.
قال وهب كان فيمن قبلكم رجل عبد الله سبعين سنة يفطر من سبت الى سبت فطلب من الله حاجة فلم يقض فاقبل على نفسه وقال لو كان عندك خير قضيت حاجتك فانزل الله تعالى ملكا فقال يا ابن آدم ساعتك التى ازريت بنفسك فيها خير من عبادتك التى مضت: ونعم ما قال الحافظ الشيرازى

در راه ما شكسته دلى ميخرند وبس بازار خودفروشى ازان سوى ديكرست

اللهم اجعلنا من اهل التوفيق ومن السالكين بطريق التحقيق