خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَٰناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
٢
ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
٣
-الأنفال

روح البيان في تفسير القرآن

{ إنما المؤمنون } اى انما الكاملون فى الايمان المخلصون فيه { الذين إذا ذكر الله } عندهم { وجلت قلوبهم } من هيبة الجلال وتصور عظمت المولى الذى لا يزال وهذا الخوف لازم لاهل كمال الايمان سواء كان ملكا مقربا او نبيا مرسلا او مؤمنا تقيا نقيا وهذا بخلاف خوف العقاب فانه لا يحصل بمجرد ذكر الله بملاحظة المعصية وذكر عقاب الله انتقاما من العصاة واين من يهم بمعصية فيقال له اتق الله فينزع عنها خوفا من عقابه ممن ينزع بمجرد ذكره من غير ان يذكر هناك ما يوجب النزع من صفاته وافعاله استعظاما لشأنه الجليل وتهيبا منه* واعلم ان شأن نور الايمان ان يرق القلب ويصفيه عن كدورات صفات النفس وظلماتها ويلين قسوته فيلين الى ذكر الله ويجد شوقا الى الله وهذا حال اهل البدايات واما حال اهل النهايات فالطمأنينة والسكون بالذكر ولما جاء قوم حديثوا عهد بالاسلام فسمعوا القرآن كانوا يبكون ويتأوّهون فقال ابو بكر رضى الله عنه هكذا كنا فى بداية الاسلام ثم قست قلوبنا يشير بذلك الى نهايته فى الاطمئنان { واذا تليت } قرئت { عليهم آياته } اى آيات الله يعنى القرآن امرا ونهيا وغير ذلك { زادتهم } اى تلك الآيات والاسناد مجازى { إيمانا } اى يقينا وطمأنينة نفس فان تظاهر الادلة وتعاضد الحجج والبراهين موجب لزيادة الاطمئنان وقوة اليقين
قال الفاضل التفتازانى وتبعه المولى ابو السعود فى تفسيره ان نفس التصديق مما يقبل الزيادة والنقصان للفرق الظاهر بين يقين الانبياء وارباب المكاشفات وبين يقين الامة ولهذا قال امير المؤمنين على رضى الله عنه
"لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا"
.وكذا بين ما قام عليه دليل واحد من التصديقات وما قامت عليه ادلة كثيرة
قال الكاشفى [در حقايق سلمى مذكورست كه بيركت تلاوت نور يقين در باطن ايشان ظاهر كردد وزيادتى طاعت برظاهر ايشان هويدا شود. ودر بحر الحقايق فرموده كه ايمان حقيقى نوريست كه بقدر سعت روزنه دل دروى مى تابد بس جون قرآن برارباب قلوب خوانند روزنه دل ايشان ببركت قرائت كشاده تركردد ونور ايمان بيشتر دروى افتد بس درنور جمال مستغرق كردند] { وعلى ربهم } مالكهم ومدبر امورهم خاصة { يتوكلون } يفوضون امورهم ولا يخشون ولا يرجون الا اياه
قال فى التأويلات النجمية { على ربهم يتوكلون } لا على الدنيا واهلها فان من شاهد بنور الايمان جمال الحق وجلاله فقد استغرق فى بحر لجى من شهود الحق بحيث لا يتفرغ لغيره ويرى الاشياء مضمحلة تحت سطوات جلاله فيكون توكلهم عليه لا على غيره

هركه او در بحر مستغرق شود فارغ از كشتى واز زورق شود
غرقة دريا بجز دريا نديد غير دريا هست بروى نابدبد

ولما ذكر اولا من الاعمال الحسنة اعمال القلوب من الخشية والوجل عند ملاحظة عظمة الله تعالى وجلاله والاخلاص والتوكل عقب بافعال الجوارح التى هى العيار عليها كالصلاة والصدقة فقال { الذين يقيمون الصلوة } بوضوئها وركوعها وسجودها فى مواقيتها وهو مرفوع على انه نعت للموصول الاول { ومما رزقناهم } اعطيناهم من الاموال { ينفقون } فى طاعة الله وانما خص الله الصلاة والزكاة لعظم شأنها وتأكيد امرهما