خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
٢٤
-الأنفال

روح البيان في تفسير القرآن

{ يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول } اى اجيبوا الله ورسوله بان تطيعوهما { إذا دعاكم } اى الرسول اذ هو المباشر لدعوة الله ودعاؤه بامر الله فهو دعاء الله تعالى ولذا وحد الفعل { لما يحييكم } اللازم بمعنى الى اى الذى يحييكم وهو انواع منها العلوم الدينية فانها حياة القلب والجهل موته: قال

لا تعجبن الجهول حلته فذاك ميت وثوبه كفن

وقال

جاهلى كان بعلم زنده نشت ميتش دان ومسكنش مدفن
از جنازه نشان جمازه او جامهاى تنش بجاى كفن

وفى الخبر ان الله تعالى ليحيى القلب الميت بالعلم كما يحيى الارض الميتة بوابل المطر والعلوم الدينية الشرعية هى التفسير والحديث والاصول والفقه والفرائض

علم دين فقهست وتفسير وحديث هركه خواند غير ازين كردد خبيث[1]

ومنها العقائد والاعمال فانها تورث الحياة الابدية فى النعيم الدائم. ومنها الجهاد فانه سبب البقاء اذ لو تركوه لغلبهم العدو وقتلهم كما فى قوله تعالى { { ولكُم في القِصاصِ حَيوٱةٌ } [البقرة: 179].
ومنها الشهادة فان الشهداء احياء عند ربهم سواء كانوا مقتولين بسيف الكفار او بسيف الرياضات الشاقة والمجاهدات القوية

دانه مردن اشيرين شداست بل هم احياءيى من آمده است[2]
اقتلونى يا ثقاتى لائما ان فى قتلى حياتى دائما

فالموت هو الفناء عن الكل والحياة هو البقاء بنور الله تعالى { واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه } قال فى القاموس كل ما حجز بين شيئين فقد حال بينهما وهو تمثيل لغاية قربه من العبد وهو اقرب الى قلبه منه لان ما حال بينك وبين الشيء فهو اقرب الى الشيء منك وتنبيه على انه مطلع من مكنونات القلوب على ما عسى يغفل عنه صاحبها.
قال رضى الله عنه اللهم اغفر لى ما انت اعلم به منى او حث على المبادرة الى اخلاص القلوب وتصفيتها قبل ان يحول الله بينه وبين القلب بالموت او غيره من الآفات كأنه قيل بادر الى تكميل النفوس وتصفية القلوب باجابة الرسول المبعوث من علام الغيوب قبل فوات الفرصة فانها قد تفوت بان يحدث الله اسبابا لا يتمكن العبد معها من تصريف القلب فيما يشاؤه من اصلاح امره فيموت غير مستجيب لله ورسوله ويحتمل ان يكون المراد بالحيلولة تصوير تملكه تعالى قلب العبد وغلبته عليه فيفسخ عزائمه ويغير نياته ومقاصده ولا يمكنه من امضائها على حسب ارادته فيحول بينه وبين الكفر ان اراد سعادته وبينه وبين الايمان ان قضى شقاوته وكان عليه السلام يقول كثيرا
"يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلبي على دينك"
. ويبدل بالامن خوفا وبالذكر نسيانا وما اشبه ذلك من الامور المعترضة المفوّتة للفرصة [در كشف الاسرار فرموده كه علما دلرا بايند ولمن كان له قلب اشارت بدانست وعرفادلرا كم كنند يحول بين المرء وقلبه عبارت از آنست در بدايت از دل نا جارست ودر نهايت حجاب ديدارست]

زيد بيش همى ديدمش اندر دل خويش دل نيز حجاب بود برداشت زبيش

فالله تعالى يحول بتجلى صفاته بين المرء وقلبه يعنى اذا تجلى الله على قلب المرء يحول بسطوات انوار جماله وجلاله بين مرآت قلبه وظلمه اوصافه { وأَنه } اي واعلموا ايضا ان الله تعالى { إِليه } تعالى لا الى غيره { تحشرون } تبعثون وتجمعون فيجازيكم على حسب اعمالكم ان خيرا فخير وان شرا فشر فسارعوا الى طاعة الله وطاعة رسوله وبالغوا فى الاستجابة لهما.
واعلم ان الاستجابة لله بالسرائر وللرسول بالظواهر وايضا الاستجابة لله اجابة الاوراح للشهود واستجابة القلوب للشواهد واجابة الاسرار للمشاهدة واجابة الخفى للفناء فى الله والاستجابة للرسول بالمتابعة فى الاقوال والاحوال والافعال -
"وروى- انه عليه السلام مر على ابى وهو يصلى فدعاه فعجل فى صلاته ثم جاء فقال عليه السلام ما منعك عن اجابتى قال كنت اصلى قال الم تخبر فيما اوحى الىَّ استجيبوا لله وللرسول"
.واختلف العلماء فى جواز قطع الصلاة لاجابة الداعى. فقال بعضهم انه مختص باستجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز قطع الصلاة اجابة غيره لأن قطعها ابطال لها وابطال العمل حرام. وقال بعضهم يجوز لكل مصل ان يقطع صلاته لامر لا يحتمل التأخير كما اذا خاف ان يسقط احد من سطح او تحرقه النار او يغرق فى الماء وجب عليه ان يقطع الصلاة وان كان فى الفريضة كذا فى غنية الفتاوى. ويجيب فى صلاة النافلة دعاء امه دون نداء ابيه اى يقطع الصلاة ويقول لبيك مثلاً وذلك لان مشقة الام وتحملها التعب من الولد اكثر ولذا ورد "الجنة تحت اقدام الامهات"
. معناه ان التواضع للامهات سبب دخوله الجنة. وقال بعض المشايخ الاب يقدم على الام فى الاحترام والام فى الخدمة حتى لو دخلا عليه يقوم للاب واجابة الدعوة من قبيل الخدمة غالبا.
قال الطحاوى مصلى النافلة اذا ناداه احد ابويه ان علم انه فى الصلاة وناداه لا بأس ان يجيبه وان لم يعلم واما مصلى الفريضة اذا دعاه احد ابويه فلا يجيب ما لم يفرغ من صلاته الا ان يستغيثه لشيء فان قطع الصلاة لا يجوز الا للضرورة وكذا الافطار فى صوم النفل فانه اذا الحّ عليه احد بالافطار يجوز قبل الزوال واما اذا كان بعده فلا يفطر الا اذا كان فى ترك الافطار عقوق الوالدين او احدهما كذا فى شرح التحفة والوقاية. واما فى صوم القضاء فيكره الافطار مطلقا كذا فى الزاهدى.
ثم اعلم ان استجابة الرسول يدخل فيها بطريق الاشارة استجابة الاولياء العلماء الادباء الامناء لانهم الورثة وطريقتهم طريقة النبى عليه السلام ولا بد لمن اراد الوصول الى الله تعالى من صحبة مرشد كامل عارف بالمقامات والمراتب وقبول ما دعا اليه سواء كان محبوبا له اولا فان هذا ليس طريق العقل بل طريق الكشف والالهام والمراتب وقبول ما دعا اليه سواء كان محبوبا له اولا فان هذا ليس طريق العقل بل طريق الكشف والالهام

كردر سرت هواى وصالست حافظا بايد كه خاك دركه اهل نظر شوى

واهل الطريقة ثلاثة عباد ومريدون وعارفون. فطريق العباد وكثرة الاعمال والتجنب من الزنى والضلال. وطريق المريدين تخليص الباطن من الشوائب والنفور عن المشغلات وطريق العارفين تخليص القلب لله وبذل الدنيا والآخرة فى طلب رضاه اللهم اجعلنا من المستجيبين للدعوة الحقة واذقنا من حلاوة الاسرار المحققة آمين