خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٤١
-الأنفال

روح البيان في تفسير القرآن

{ واعلموا } أيها المؤمنون { انما } حق ما هذه ان تكتب منفصلة عن ان لكونها موصولة كما فى قوله تعالى { { ان ما توعدون لآت } [الأنعام: 134] لكنها كتبت متصلة اتباعا للرسم اى الذى { غنمتم } اخذتموه واصبتموه من الكفر قهرا وغلبة. والغنم الفوز بالشيء واصل الغنيمة اصابة الغنم من العدو ثم اتسع واطلق على كل ما اصيب منهم كائنا ما كان قالوا اذا دخل الواحد والاثنان دار الحرب مغيرين بغير اذن الامام فأخذوا شيأ لم يخمس لان الغنيمة هو المأخوذ قهرا وغلبة لا اختلاسا وسرقة هذا عند ابى حنيفة ويخمس عند الشافعى { من شيء } حال من عائد الموصول اى ما غنمتموه كائنا كما يقع عليه اسم الشيء حتى الخيط والمخيط خلا ان سلب المقتول للقاتل اذا نفله الامام وان الاسارى يخير فيها الامام وكذا الاراضى المغنومة.
والآية نزلت ببدر.
وقال الواقدى كان الخمس فى غزوة بنى قينقاع بعد بدر بشهر وثلاثة أيام للنصف من شوال على رأس عشرين شهرا من الهجرة { فأَنَّ لله خمسه } مبتدأ خبره محذوف اى حكمه ثابت فيما شرعه الله وبينه لعباده ان خمسه لله او خبر مبتدأ محذوف اى فالحكم ان لله خمسه ولخمس بالفارسية [بنج يك] { وللرسول ولذى القربى } اعاد اللام فى لذى القربى دون غيرهم من الاصناف الثلاثة لدفع توهم اشتراكهم فى سهم النبى صلى الله عليه وسلم لمزيد اتصالهم به عليه الصلاة والسلام وهم بنوا هاشم وبنوا المطلب دون بنى عبد شمس وبنى نوفل.
واعلم انه عليه السلام هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وكان لعبد مناف اربعة بنين هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل وكان لهاشم ولدان عبد المطلب واسد وكان لعبد المطلب عشرة بنين منهم عبد الله وابو طالب وحمزة والعباس وابو لهب والحارث وزبير فكلهم وما يتفرع منهم هاشميون لكونهم من اولاد هاشم وعبد مناف هو ابن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة وكل من كان من ولد النضر فهو قرشى دون ولد كنانة ومن فوقه فقريش فبيلة ابوهم النضر وانما خص ذووا قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ببنى هاشم وبنى المطلب لانهم لم يفارقوه عليه السلام فى جاهلية ولا فى اسلام فكانت قرابتهم قرابة كاملة وهى القرابة نسبا وتواصلا فى حال العسر واليسر فاعطوا الخمس واما بنوا عبد شمس وبنوا نوفل فمع مساواتهما بنى المطلب فى القرب حرموا الخمس لان قرابة نوفل بالتواصل والتناصر لم تنضم الى قرابتهم النسبية { واليتامى } جمع يتيم وهو الصغير المسلم الذى مات ابوه يصرف اليه سهم من الخمس اذا كان فقيرا { والمساكين } جمع مسكين وهو الذى اسكنه الضعف عن النهوض لحاجته اى اهل الفاقة والحاجة من المسلمين { وابن السبيل } اى المسافر البعيد عن ماله.
- قال الكاشفى ومسافران مسلمانان يا قومى كه بر مسلمانان نزول كنند.
واعلم ان اللام في الآية لام الاستحقاق لخمس الغنيمة فاقتضى الظاهر ان تكون المصارف سنة اقسام لكن الجمهور على ان ذكر الله تعالى للتعظيم وافتتاح الكلام باسمه تعالى عن طريق التبرك لا لان لله نصيبا من الخمس فان الدنيا والآخرة كلها له سبحانه فلا يسدس خمس الغنيمة بان يصرف سهم منها الى الله تعالى بصرفه الى عمارة الكعبة ان كانت قريبة والافالى مسجد كل بلدة ثبت فيها الخمس كما ذهب اليه البعض او بضمه الى سهم الرسول كما ذهب اليه الآخر وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط بوفاته لان الانبياء لا يورثون.
قال ابن الشيخ لانه عليه السلام لم يخلفه احد فى الرسالة فلا يخلفه فى سهمه هذا عند الامام الاعظم واما الشافعى فيصرف سهمه عليه السلام الى مصالح المسلمين وما فيه قوة الاسلام وكذا سقط سهم ذوى القربى بوفاته عليه السلام فلا يعطى لهم لاجل قرابتهم بل يعطى لفقرهم وكان عليه السلام يعطيهم غنيهم وفقيرهم لقرابتهم لا لفقرهم حتى كان يعطى العباس بن المطلب مع كثرة ماله. والحاصل ان ذوى القربى اسوة لسائر الفقراء اى يدخلون فيهم ويقدمون على غيرهم ولا يعطى اغنياؤهم.
وفى شرح الاثار عن ابى حنيفة ان الصدقات كلها اى فرضها ونفلها جائزة على بنى هاشم والحرمة كانت فى عهد النبى عليه السلام لوصول خمس الخمس اليهم فلما سقط ذلك بموته حلت لهم الصدقة.
قال الطحاوى وبالجواز نأخذ ولما سقط السهمان وهماسهم الرسول وسهم ذوى القربى فخمس الغنيمة اليوم يجعل ثلاثة اقسام ويصرف الى ثلاثة اصناف اليتامى والمساكين وابناء السبيل وتقسم الاخماس الاربعة بين الغانمين للفارس سهمان وللراجل سهمه.
وفى حياة الحيوان ان الفيل يقاتل به وراكبه يرضخ له اكثر من راكب البغل.
وفى التحفة هذه الثلاثة مصارف الخمس عندنا لا على سبيل الاستحقاق حتى لو صرفت الى صنف واحد منهم جاز { إِن كنتم آمنتم بالله } متعلق بمحذوف دل عليه واعلموا اى ان كنتم آمنتم بالله فاعلموا انه جعل الخمس لهؤلاء فسلموه اليهم واقطعوا اطماعكم منه واقتنعوا بالاخماس الاربعة الباقية ووجه دلالته عليه انه تعالى انما امر بالعلم بهذا الحكم ليعمل له لانه العلم بمثل هذا المعلوم ليس مما يقصد لنفسه بل انما يقصد للعمل به { وما أَنزلنا } اى ورما انزلناه { على عبدنا } محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات والنصر على ان المراد بالانزال مجرد الايصال والتيسير فينتظم الكل انتظاما حقيقيا { يوم الفرقان } ظرف لانزلنا اى يوم بدر فانه فرق فيه بين الحق والباطل بنصر المؤمنين وكبت الكافرين { يوم التقى الجمعان } اى المسلمون والكفار وهو بدل من الظرف الاول [وآن روز جمعه بود هفد هم رمضان درسنه ثانيه از هجرت] وهو اول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتال المشركين لاعلاء الحق والدين { والله على كل شيء قدير } فيقدر على نصر القليل على الكثير والذليل على العزيز كما فعل بكم ذلك اليوم