خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٧٤
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
٧٥
-الأنفال

روح البيان في تفسير القرآن

{ والذين آمنوا } بجميع ما يجب ان يؤمن به اجمالا وتفصيلا { وهاجروا } اوطانهم تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبا لمرضاة الله { وجاهدوا } الكفار والمجاهدة. والجهاد [باكسى كارزار كردن درراه خداى] { فى سبيل الله } هو دين الاسلام والاخلاص الموصلان الى الجنة ودرجاتها { والذين آووا } اى ضموا المؤمنين الى انفسهم فى مساكنهم ومنازلهم وواسوهم يقال اويت منزلى واليه اويا نزلته بنفسى وسكنته واوّيته وآويته انزلته والمأوى المكان فالايواء بالفارسية [جايكاه دادن] { ونصروا } اى اعانوهم على اعداءهم فالموصول الاول عبارة عن المهاجرين الاولين والثانى عن الانصار كما سبق { اولئك هم المؤمنون } ايمانا { حقا } لانهم حققوا ايمانهم بتحصيل مقتضاه من الهجرة والجهاد وبذل المال ونصرة الحق. فالآية الاولى مذكورة لبيان حكمهم وهو انهم يتوارثون ويتولى بعضهم بعضا فى الميراث. هذه الاية مذكورة لبيان ان الكاملين فى الايمان منهم هم المهاجرون الاولون والانصار لا غيرهم فلا تكرار { لهم مغفرة } لذنوبهم { وزرق كريم } اى واسع كثير يطعمهم الله تعالى فى الجنة طعاما يصير كالمسك رشحا ولا يستحيل فى اجوافهم نجوا وهو ما يخرج من البطن من ريح او غائط ثم ألحق بهم فى الامرين من سيلحق بهم ويتسم بسمتهم فقال { والذين آمنوا من بعد } اى من بعد الهجرة الاولى { وهاجروا } بعد هجرتكم { وجاهدوا معكم } فى بعض مغازيكم { فأولئك منكم } اى من جملتكم ايها المهاجرون والانصار وهم الذين جاؤا من بعدهم { { يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان } } [الحشر: 10] ألحقهم الله بالسابقين وجعلهم منهم تفضلا منه وترغيبا فى الايمان والهجرة -روى- ان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم آخى بين المهاجرين والانصار فكان المهاجر يرثه اخوه الانصارى دون قريبه الغير المهاجر وان كان مسلما. فنسخ الله تعالى ذلك الحكم بقوله { واولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } آخر منهم فى التوارث من الاجانب { فى كتاب الله } اى فى حكمه { إن الله بكل شيء عليم } ومن جملته ما فى تعليق التوارث بالقرابة الدينية اولا بالقرابة النسبية آخرا من الحكم البالغة

نه در احكام اوست جون وجرا نه در افعال او جكونه وجند

اعلم ان المهاجرين الاولين من حيث انهم اسسوا قاعدة الايمان واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم افضل من الانصار يدل عليه قوله عليه السلام "لولا الهجرة لكنت امرءاً من الانصار"
. فان المراد منه اكرام الانصار بان لا رتبة بعد الهجرة اعلى من نصرة الدين. والمهاجرون على طبقات. منهم من هاجر معه عليه السلام او بعد هجرته قبل صلح الحديبية وهو فى سنة ثنتين من الهجرة وهم المهاجرون الاولون. ومنهم من هاجر بعد صلح الحديبية قبل فتح مكة وهم أهل الهجرة الثانية. ومنهم ذو هجرتين هجرة الى الحبشة وهجرة الى المدينة وكانت الهجرة الى المدينة بعد ان هاجر اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضا على المؤمن المستطيع ليكون فى سعة أمر دينه ولينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في اعلاء كلمة الله فلما فتح مكة اعلمهم بأن الهجرة المفروضة قد انقطعت وانه ليس لاحد بعد ذلك ان ينال فضيلة الهجرة وان ينازع المهاجرين فى مراتبهم.
واما الهجرة التى تكون من المسلم لصلاح دينه الى مكة او الى غيرها فانها باقية ابدا الدهر غير منقطعة وفى الحديث
"لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية"
. وفى الحديث "من زارنى بعد موتى فكأنما زارنى فى حياتى ومن مات باحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة"
وروى الامام فى الاحياء ان النبى عليه الصلاة والسلام لما عاد الى مكة استقبل الكعبة وقال انك خير ارض الله واحب بلاد الله الىّ ولولا انى اخرجت منك ما خرجت فما هو محبوب للنبى عليه السلام محبوب لامته ايضا فالاقامة بمكة مع الوفاء بحق المقام افضل كيف لا والنظر الى البيت عبادة والحسنات فيها مضاعفة وللقاصر عن القيام بحق الموضع ترك الاقامة فان بعض العلماء كرهها لمثله -حكى- ان عمر بن العزيز وامثاله من الامراء كان يضرب فسطاطين فسطاطا فى الحل وفسطاطا فى الحرم فاذا اراد ان يصلى او يعمل شيئاً من الطاعات دخل فسطاط الحرم رعاية لفضل المسجد الحرام واذا اراد ان يأكل او يتكلم او غير ذلك خرج الى فسطاط الحل ومقدار الحرم من قبل المشرق ستة اميال ومن الجانب الثانى اثنى عشر ميلا ومن الجانب الثالث ثمانية عشر ميلا ومن الجانب الرابع اربعة وعشرون ميلا هكذا قال الفقيه ابو جعفر. وكما ان للاماكن الشريفة والبقاع المنيفة قدرا وحرمة عند الله تعالى وعند الناس فكذا القلوب الصافية لاهل الكمالات الوافية بل خطرها اعظم

مسجدى كواندرون اولياست سجده كاه جمله است آنجا خداست
آن مجازاست اين حقيقت اى خران نيست مسجد جزدرون سروران

وفى قوله تعالى { فأولئك منكم } اشارة الى ان كل سالك صادق سلك طريق الحق من المتأخرين على قدم الايمان والهجرة والجهاد الحقيقى فهو من المتقدمين لانه ليس عند الله صباح ولا مساء فالواصلون كلهم كنفس واحدة وهم متبرئون من الزمان والمكان استوى عندهم الامس واليوم والغد والقرب والبعد والعلو والسفل ولهذا قال عليه السلام "امتى كالمطر لا يدرى اولهم خير ام آخرهم" وعند المتأخرين من اخوانه وقال "واشوقاه الى لقاء اخوانى" هذا وكان الحسن اذا قرأ سورة الانفال قال طوبى لجيش قائدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبارزهم اسد الله وجهادهم طاعة الله ومددهم ملائكة الله وثوابهم رضوان الله نسال الله تعالى ان يوفقنا لصالحات الاعمال وحسنات الاقوال والاحوال وان تجعلنا مشغولين بطاعة الله فى كل آن وحال