خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٢٨
-التوبة

روح البيان في تفسير القرآن

{ يا أيها الذين آمنوا انما المشركون نجس } النجس بفتحتين مصدر بمعنى النجاسة وصفوا بالمصدر مبالغة كأنهم عين النجاسة يجب الاجتناب عنهم والتبرى منهم وقطع مودتهم.
قال الحدادى سمى المشرك نجسا لان الشرك يجرى مجرى القذر فى انه يجب تجنبه كما يجب تجنب النجاسات او لانهم لا يتطهرون من الجنابة والحدث ولا يجتنبون عن النجاسة الحقيقية فهم ملابسون لها غالبا فحكم عليهم بانهم نجس بمعنى ذوى نجاسة حكمية وحقيقية فى اعضائهم الظاهرة او انهم نجس بمعنى ذوى نجاسة فى باطنهم حيث تنجسوا بالشرك والاعتقاد الباطل. فعلى هذا يحتمل ان يكون نجس صفة مشبهة كحسن فيجوز ترك تقدير المضاف { فلا يقربوا المسجد الحرام } الفاء سببية اى فلا يقربوه بسبب انهم عين النجاسة فضلا عن ان يدخلوه فان نهيهم عن اقترابه للمبالغة فى نهيهم عن دخوله.
قال فى التبيان اى لا يدخلوا الحرم كله وحدود الحرم من جهة المدينة على ثلاثة اميال ومن طريق العراق على سبعة اميال ومن طريق الجعرانة على تسعة اميال ومن طريق الطائف على تسعة اميال ومن طريق جدة على عشرة اميال انتهى { بعد عامهم هذا } وهو السنة التاسعة من الهجرة التى حج فيها ابو بكر رضى الله عنه اميرا وكانت حجة الوداع فى السنة العاشرة هو الظاهر الذى عليه الامام الشافعى واما على مذهب الامام الاعظم فالمراد من الآية المنع من الدخول حاجا او معتمرا فالمعنى لا يحجوا ولا يعتمروا بعد هذا العام ويدل عليه قول على رضى الله عنه حين نادى ببراءة الا لا يحج بعد عامنا هذا مشرك فلا يمنع المشرك عنده من دخول الحرم والمسجد الحرام وسائر المساجد.
قال فلا الاشباه فى احكام الذمى ولا يمنع من دخول المسجد جنبا بخلاف المسلم ولا يتوقف دخوله على اذن مسلم عندنا ولو كان المسجد الحرام. ثم قال فى احكام الحرم ولا يسكن فيه كافر وله الدخول فيه انتهى.
يقول الفقير لعل الحكمة فى ان الجنب المسلم يمنع من دخول المسجد دون الجنب الكافر ان ما هو عليه الكافر من الشرك او الخبث القلبى والجنابة المعنوية اعظم من حدثه الصورى فلا فائدة فى منعه نعم اذا كان عليه نجاسة حقيقية يمنع لانا مأمورون بتطهير المساجد عن القاذورات ولذا قالوا بحرمة ادخال الصبيان والمجانين فى المساجد حيث غلب تنجيسهم والا فيكره كما فى الاشباه هذا فلما منعوا من قربان المسجد الحرام. قال اناس من تجار بكر بن وائل وغيرهم من المشركين بعد قراءة على هذه الآية ستعلمون يا اهل مكة اذا فعلتم هذا ما تلقون من الشدة ومن اين تأكلون اما والله لتقطعن سبلكم ولا نحمل اليكم شيئاً فوقع ذلك فى انفس اهل مكة وشق عليهم والقى الشيطان فى قلوب المسلمين الحزن وقال لهم من اين تعيشون وقد نفى المشركون وانقطعت عنكم الميرة فقال المسلمون قد كنا نصيب من تجاراتهم فالآن تنقطع عنا الاسواق والتجارات ويذهب عنا الذى كنا نصيبه فيها فانزل الله تعالى قوله { وان خفتم عيلة } اى فقرا بسبب منعهم من الحج وانقطاع ما كانوا يجلبونه اليكم من الارزاق والمكاسب { فسوف يغنيكم الله من فضله } من عطائه او من تفضله بوجه آخر وقد انجز وعده بان ارسل السماء عليكم مدرارا اكثر من خيرهم وميرهم ووفق اهل تبالة وجرش واسلموا وامتاروا لهم ثم فتح عليهم البلاد والغنائم وتوجه اليهم الناس من اقطار الارض { ان شاء } ان يغنيكم قيده بالمشيئة مع ان التقييد بها ينافى ما هو المقصود من الاية وهو ازالة خوفهم من العيلة لفوائد.
الفائدة الاولى ان لا يتعلق القلب بتحقق الموعود بل يتعلق بكرم من وعد به ويتضرع اليه فى نيل جميع المهمات ودفع جميع الآفات والبليات.
والثانية التنبيه على ان الاغناء الموعود ليس يجب على الله تعالى بل هو متفضل فى ذلك لا يتفضل به الا عن مشيئته وارادته.
والثالثة التنبيه على ان الموعود ليس بموعود بالنسبة الى جميع الاشخاص ولا بالنسبة الى جميع الامكنة والازمان { ان الله عليم } بمصالحكم { حكيم } فيما يعطى ويمنع.
قال الكاشفى [حكم كنند است بتحقيق آمال ايشان اكردرى دربندد ديكرى بكشايد]

كمان مدار اكر ضايعم توبكذارى كه ضايعم نكذارد مسبب الاسباب
براى من در احسان اكرتودربندى درى دكر بكشايد مفتح الابواب

-روى- عن الشيخ ابى يعقوب البصرى رضى الله عنه قال جعت مرة فى الحرم عشرة ايام فوجد ضعفا فحدثتنى نفسى ان اخرج الى الوادى لعلى اجد شيئاً ليسكن به ضعفى فخرجت فوجدت سلجمة مطروحة فاخذتها فوجدت فى قلبى منها وحشة وكأن قائلا يقول لى جعت عشرة ايام فآخرها يكون حظك سلجمة مطروحة متغيرة فرميت بها فدخلت المسجد فقعدت فاذا برجل جاء فجلس بين يدى ووضع قمطره وقال هذه لك قلت كيف خصصتنى بها فقال اعلم انا كنا فى البحر منذ عشرة ايام فاشرفت السفينة على الغرق فنذر كل واحد منا نذرا ان خلصنا الله ان يتصدق بشيء ونذرت انا ان خلصنى الله ان اتصدق بهذه على اول من يقع عليه بصرى من المجاورين وانت اول من لقيته قلت افتحها فاذا بها كعك سميذ ممصر ولوز مقشر وسكر كعاب فقبضت قبضة من ذا وقبضه من ذا وقلت رد الباقى الى صبيانك هدية منى اليهم وقد قبلتها ثم قلت فى نفسى رزقك يسير اليك مند عشرة ايام وانت تطلبه من الوادى.
قال الصائب

فكر آب ودانه دركنج قفس بى حاصلست زير جرخ انديشه روزى جرا باشد مرا

وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى قد رفع قلم التكليف عن الانسان الى ان يبلغ استكمال القالب ففى تلك المدة كانت النفس وصفاتها يطفن حول كعبة القلب مستمدة من القوى العقلية والروحانية وبهذا يظفرن بمشتهايتهن من الدنيا ونعيمها حتى صار تعبد الدنيا دأبهن والاشراك بالله طبعهن وبذلك تكامل القالب واستوت اوصاف البشرية الحيوانية عند ظهور الشهوة بالبلوغ ثم اجرى الله عليهم قلم التكليف ونهى القلب عن اتباع النفوس وامره بقتالها ونهاها عن تطوافها لئلا تنجس كعبة القلب بنجاسة شرك النفس والاوصاف الذميمة فلما منعت النفس عن تطوافها بحوالى القلب خاف القلب من فوات حظوظه من الشهوات بتبعية النفس فاغناه الله عن تلك الحظوظ بما يفتح عليه من فضل مواهبه من الواردات الربانية والشواهد والكشوف الرحمانية وفى قوله { ان شاء } اشارة الى ما ان عند الله لا ينال الا بمشيئة الله كذا فى التأويلات النجمية: قال الحافظ

سكندررا نمى بخشند آبى بزورو زر ميسر نيست اين كار