خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٨٩
-التوبة

روح البيان في تفسير القرآن

{ اعد الله لهم } اى هيأ لهم فى الآخرة { جنات } جمع جنة وهى البستان الذى فيه اشجار مثمرة { تجرى من تحتها } اى من اسافل ارضها او من تحت اشجارها او من تحت القصور والغرف لا تحت الارض { الانهار } جمع نهر وهو مسيل الماء سمى به لسعته وضيائه وفى الحديث "فى الجنة بحر اللبن وبحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر" ثم تشتق الانهار منها بعد وقيل النهر واحد يجرى فيه الخمر والماء والعسل واللبن لا يخالط بعضها بعضا وقال بعضهم الجارى واحد ويختلف باختلاف الامنية { خالدين فيها } اى مقدرا خلودهم فى تلك الجنات الموصوفة { ذلك } اشارة الى ما فهم من اعداد الله سبحانه لهم الجناة المذكورة من نيل الكرامة العظمى { الفوز العظيم } الذى لا فوز وراءه فازوا بالجنة ونعيمها ونجوا من النار وجحيمها وفى الحديث "من شهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله حرم الله عليه النار"
. وفى الخبر "من قال لا اله الا الله مخلصا دخل الجنة" فقد اشترط فى هذا القول الاخلاص ولا يكون الاخلاص الا بمنعه من الذنوب والا فليس بمخلص ويخاف ان يكون ذلك القول عنده عاريه والعارية تسترد منه والاخلاص من صفات القلب وتحليته بالاوصاف الحميدة انما هى بعد تزكية النفس عن الرذائل.
قال فى التأويلات النجمية الخلاص من حجب النفس وصفاتها هو الفوز العظيم لان عظم الفوز على قدر عظم الحجب ولا حجاب اعظم من حجاب النفس والفوز منها يكن فوزا عظيما انتهى: وفى المثنوى

جمله قرآن شرح خبث نفسهاست بنكر اندر مصحف آن جشمت كجاست[1]
هين مرواندر بى نفس جوزاغ كوبكورستان برد نى سوى باغ[2]
نفس اكرجه زير كست وخرده دان قبله اش دنياست اورا مرده دان[3]

وفى الحديث "ان فى الجنة مائة درجة" المراد بالمائة هنا الكثرة وبالدرجة المرقاة "اعدها الله للمجاهدين فى سبيله" وهم الغزاة او الحجاج او الذين جاهدوا انفسهم لمرضاة ربهم "كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والارض" وهذا التفاوت يجوز ان يكون صوريا وان يكون معنويا فيكون المراد من الدرجة المرتبة فالاقرب الى الله تعالى يكون ارفع درجة ممن دونه "فان سألتم الله فاسألوه الفردوس" وهو بستان فى الجنة جامع لانواع الثمر "فانه اوسط الجنة
"
. يعنى اشرفها "واعلى الجنة" قيل فيه دلالة على ان السموات كرية فان الاوسط لا يكون اعلى الا اذا كان كريا وان الجنة فوق السموات تحت العرش.
قال الامام الطيبى النكنة فى الجمع بين الاوسط والا على انه اراد باحدهما الحسى وبالآخر المعنوى.
واقول يحتمل ان يكونا حسيين لان كونهما احسن وازين مما يحس
"وفوقه عرش الرحمن" هذا يدل على انه فوق جميع الجنان "ومنه تفجر" اصله تنفجر فحذف احدى التاءين "انهار الجنة" وهى اربعة مذكورة فى قوله تعالى { { فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وانهار من عسل مصفى } [محمد: 15].
المراد منها اصول انهار الجنة كذا فى شرح المشارق لابن ملك نسأل الله سبحانه الرفيق الاعلى والنظر الى وجه الابهى وجماله الاسنى