خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ
٥٣
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي ٱلأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٥٤
-يونس

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: (أحق): مبتدأ، والضمير فاعله سد مسد الخبر، و(إي): حرف جواب، بمعنى نعم، وهو من لوازم القسم، لذلك يوصل بواوه، فيقال: إي والله، ولا يقال"إي" وحُده.
يقول الحق جل جلاله: { ويستنبئونَكَ } أي: يستخبرونك { أحقٌ هُو } أي: ما تقول من الوعد أو ادعاء النبوة، قيل: قاله حيي بن أخطب لما قدم مكة. { قل } لهم: { إي وربي إنه لحقٌّ } أي: العذاب الموعود لحق، أو ما ادعيته من النبوة لثابت، والأول أرجح لقوله: { وما أنتم بمعجزين }: بفائتين العذاب الموعد.
{ ولو أنَّ لكلِّ نفسٍ ظلمتْ } بالشرك أو التعدي على الغير { ما في الأرض } من خزائنها وأموالها { لافتدتْ به }: لجعلته فدية لها من العذاب، { وأسرُّوا الندامة } أي: أخفى رؤساء هؤلاء الكفار الندامة خوف الشماتة والتعيير من سفلتهم، { لمَّا رأوا العذاب }، أو جميعهم، لأنهم بهتوا بما عاينوا، مما لم يحتسبوا من فظاعة الأمر وهوله، فلم يقدروا أن ينطقوا، وقيل: أظهروها، من قولهم: أسر الشيء: أظهره، ومنه: أسارير الوجه، { وقُضِيَ بينهم بالقسط وهم لا يُظلمون }، ليس تكراراً؛ لأن الأول قضاء بين الأنبياء ومكذبيهم، والثاني في جزاء المشركين على شركهم. قاله البيضاوي.
الإشارة: كثير من الناس من يستخبر عن شيخ التربية، أحق وجوده أم لا؟ إي وربي إنه لحق، ولا يخلو منه زمان، إذ القطب والعدد الذي يقوم الوجود بهم لا ينقطع، والقطبانية لا تدرك من غير تربية أصلاً، وما أنتم بفائتين عنه إن طلبتموه بصدق الاضطرار. ولو أن لكم نفس ظلمت نفسها ـ حيث بقيت بعيبها وغم حجابها حتى لقيت مولاها ـ ما في الأرض جميعاً لافتدت به من البعد وغم الحجاب، وفوات القرب من الأحباب، وقد قضى بين الخلائق بالحق، فارتفع المقربون الذين لقوا الله بقلب سليم، وانحط الغافلون، الذين لقوا الله بقلب سقيم، وندموا على ترك صحبة من يخلصهم من عيبهم، فإن كانت لهم رئاسة علم أو صلاح أضمروا ذلك عمن قلدهم، { ولا يظلم ربك أحداً }.
ولذلك قال: { أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ }.