خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً
٥٢
وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً
٥٣
-الكهف

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: { موبقًا }: اسم مكان، أو مصدر، من: وَبَقَ وبوقًا، كوثب وثوبًا، ووَبِقَ وبَقًا، كفرح فرحًا.
يقول الحقّ جلّ جلاله: { و } اذكر { يومَ يقولُ } الحق تعالى للكفار؛ توبيخًا وتعجيزًا لهم: { نادُوا شركائِيَ الذين زعمتم } أنهم شفعاؤكم؛ ليشفعوا لكم، والمراد بهم كل ما عُبد من دون الله، أو إبليس وذريته، { فَدَعَوْهم } أي: نادوهم للإغاثة، { فلم يستجيبوا لهم }: فلم يُغيثوهم، { وجعلنا بينهم } أي: بين الداعين والمدعوين { مَّوبقًا } أي: مهلكًا يهلكون فيه جميعًا، وهو النار، وقيل: العداوة، وهي نوع من الهلاك، لقول عمر رضي الله عنه: "لا يكن حُبك كَلَفًا، ولا بُغْضك تلفًا". وقيل: المراد بالبيْن: الوصل، أي: وجعلنا وصلهم في الدنيا هلاكًا في الآخرة، كقوله:
{ { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [الأنعَام: 94]، وقيل: المراد بالشركاء: الملائكة، وعُزير، وعيسى - عليهم السلام -، ويراد حينئذ بالموبق: البرزخ البعيد، أي: وجعلنا بينهم وبين من عبدوهم برزخًا بعيدًا؛ لأنهم في قعر جهنم، وهم في أعلى عليين.
{ ورأى المجرمون النارَ } ، وضع المُظْهَرَ موضع المُضْمَرِ؛ تصريحًا بإجرامهم، وذمًا لهم، أي: ورأوا النار { فظنوا } أي: أيقنوا { أنهم مُّواقعوها }؛ مخالطوها وواقعون فيها، { ولم يجدوا عنها مَصْرِفًا } أي: انصرافًا ومعدلاً ينصرفون إليه، نسأل الله السلامة من مواقع الهلاك.
الإشارة: من اتخذ الله وليًا، بموالاة طاعته وإفراد محبته، كان الله له وليًا ونصيرًا عند احتياجه وفاقته، ومجيبًا له عند دعائه واستغاثته، ومن اتخذ وليًا غير الله خاب ظنه ومناه، فإذا استغاث به جعل بينه وبين المستغيث به موبقًا وبرزخًا بعيدًا، ومن وَالَى أولياء الله فإنما والى الله،
{ { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } [الفَتْح: 10]. وبالله التوفيق.
ثمَّ ذكر كفرهم بالقرآن مع كونه آية واضحة للعيان