خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٩١
-آل عمران

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: { ذهباً } : تمييز، و { لو افتدى به }: محمول على المعنى، كأنه قيل: فلن يقبل من أحدهم فدية، ولو افتدى بملء الأرض ذهباً، أو عطف على محذوف، أي: فلن يقبل من أحدهم ملءُ الأرض ذهباً لو تقرب به في الدنيا، ولو افتدى به من العذاب في الآخرة. قاله البيضاوي.
يقول الحقّ جلّ جلاله: { إن الذين كفروا }، واستمروا على كفرهم حتى ماتوا، { يقبل } منهم فدية، ولو افتدوا بملء الأرض ذهباً، بل يحصل لهم الإياس من رحمة الله، { أولئك لهم عذاب أليم }؛ فلا ينفعهم فداء منه ولا شفاعة ولا حميم، { وما لهم من ناصرين } ينصروهم من عذاب رب العالمين.
قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:
"يُجَاءُ بالكَافِر، يومَ القيامةِ، فيُقال له: أرأيتَ لو كان لكَ ملءُ الأرض ذهباً - أكنْتَ مفتدِياً به؟ فيقولُ: نعم، نعم، فيُقال له: قد سُئلْتَ ما هو أيسرُ من ذلك" . يعني: لا إله إلا الله: ثبتنا الله عليها إلى الممات عالمين بها. آمين.
الإشارة: كل من كفر بطريق أهل الخصوصية، وحرم نفسه من دخول الحضرة القدوسية، واستمر على كفرانه إلى الممات، فلا شك أنه يحصل له الندم وقد زلّت به القدم، لأنه مات مصراً على الكبائر وهو لا يشعر، فإذا حشر مع عوام المسلمين، وسَكَن في رَبضِ الجنة مع أهل اليمين، ثم رأى منازل المقربين في أعلى عليين، ندم وتحسر، وقد غلبه القدر، فلو اشترى المُقَام معهم بملء الأرض ذهباً ما نفعه ذلك، فيمكث في غمّ الحجاب وعذاب القطيعة هنالك، مقطوع عن شهود الأحباب على نعت الكشف والبيان، ممنوع عن الشهود والعيان. وبالله التوفيق.