خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٧
-الزمر

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحق جلّ جلاله: { إِن تكفروا } به تعالى، بعد مشاهدة هذه النعم الجسيمة، وشؤونه العظيمة، الموجبة للإيمان والشكر، { فإِن الله غَنِيٌّ عنكم } أي: فاعلموا أنه تعالى غَنِي عن إيمانكم وشكركم، { ولا يرضى لعبادِهِ الكُفْرَ }؛ لأن الكفر ليس برضا الله، وإن كان بإرادته، وعدمُ رضاه تعالى بالكفر لأجل منفعتهم، ودفع مضرتهم، رحمة بهم، لا لتضرره تعالى به. { وإِن تشكروا } وتؤمنوا { يرضَهُ لكم } أي: يرضى الشكر لأجلكم ومنفعتكم؛ لأنه سبب الفوز بسعادة الدارين.
وإنما قال: { لعباده } ولم يقل "لكم"، لتعميم الحكم، وتعليله بكونهم عباده تعالى، والحاصل: أن وقوع الطاعة والإيمان هو بقدرته تعالى، وإرادته ورضاه، وأما الكفر والمعاصي فهو بقضائه وإرادته، ولم يرضها من عبده شرعاً، وإن رضيها تكويناً؛ لتقوم الحجة على العبد، ويظهر صورة العدل، ولا يظلم ربك أحداً، وإن كان الكل منه وإليه.
{ ولا تزر وازرةٌ وِزْرَ أُخرى }: بيان لعدم سريان كفر الكافر إلى غيره، أي: ولا تحمل نفس حاملة لوزرها حمل نفس أخرى، { ثم إِلى ربكم مرجِعُكُم } بالبعث بعد الموت، { فَيُنَبِّئُكُم }؛ يُخبركم { بما كنتم تعملون } في الدنيا من الإيمان والكفر، فيجازيكم بها ثواباً وعقاباً. { إِنه عليم بذاتِ الصدور }: أي بمضمرات القلوب، فكيف بالأعمال الظاهرة، وهو تعليل لـ "ينبئكم".
الإشارة: قد تقدّم الكلام على الشكر في سورة سبأ قال القشيري: قوله تعالى: { وإِن تشكروا يرضه لكم } إن أطعتني شكرتُك، وإن ذكرتني ذكرتُك، وإن خطوت لأجلي خطوةً ملأتُ السموات والأرض من شكرك، وأنشدوا:

لو عَلِمْنا أن الزيارةَ حقٌ لَفَرَشْنَا الخدودَ أرضاً لِتَرْضَى

ثم بيَّن حال مَن يشكر، فقال: { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ }.