خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ
٧
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٨
-الأحقاف

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحق جلّ جلاله: { وإِذا تتلى عليهم آياتُنا بيناتٍ } واضحات، أو: مبنيات، جمع بيِّنة، وهي الحجة والشاهد، { قال الذين كفروا للحق } أي: لأجله وفي شأنه، والمراد بالحق: الآيات المتلوة، وبالذين كفروا: المتلُوّ عليهم، فوضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل عليهم بالكفر والمتلُو بالحق، والأصل: قالوا في شأن الآيات، التي هي حق { لمَّا جاءهم } أي: بادهوا الحق بالجحود ساعة أتاهم، وأول ما سمعوه، من غير إجالة فكر ولا إعادة نظر: { هذا سحر مبين } ظاهر كونه سحر.
{ أم يقولون افتراه } إضراب وانتقال من حكاية شناعتهم السابقة - وهي تسميتهم الآيات سحراً، إلى حكاية ما أشنع منها، وهو كون الرسول صلى الله عليه وسلم { افتراه } أي: اختلقه، وأضافه إلى الله كذباً، والضمير للحق، والمراد به الآيات. { قل إِن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً } أي: إن افتريته على سبيل الفرض لعاجلني الله بعقوبة الافتراء، فلا تقدرون على كفه من معاجلتي، ولا تملكون لي شيئاً مِن دفعه، فكيف أفتريه وأتعرّض لعقابه الذي لا مناص منه؟! { هو أعلم بما تُفيضون فيه } من القدح في وحي الله تعالى والطعن في آياته، وتسميته سحراً تارة وفرية أخرى. { كفى به شهيداً بيني وبينكم } حيث يشهد لي بالصدق والبلاغ، وعليكم بالكذب والجحود، وهو وعيد بجزاء إفاضتهم، { وهو الغفورُ الرحيم } لمَن تاب وآمن، وهو وعد لمَن آمن بالمغفرة والرحمة، وترغيب في الإسلام.
الإشارة: رمي أهل الخصوصية بالسحر عادةٌ مستمرة، وسُنَّة ماضية، ولقد سمعنا هذا فينا وفي أشياخنا مراراً، فيقول أهل الخصوصية: إن افترينا على الله كذباً عاجلنا بالعقوبة، { فلا تملكون لنا من الله شيئاً... } الآية.
ثم أمر نبيه بالجواب عما رموه به، فقال: { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ }.