خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٧٤
-الأنعام

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: { آزر }: عطف بيان، أو بدل من أبيه، ومنع من الصرف؛ للعلمية والعجمة. وقرأ يعقوب بالضم ـ على النداء، وقيل: إن آزر اسم صنم؛ لأنه ثبت أن اسم أبي إبراهيم تارخ. فعلى هذا يحتمل أن يكون لقب به؛ لملازمته له، وقيل: هما عَلمَانِ له كإسرائيل ويعقوب.
يقول الحقّ جلّ جلاله: { و } أذكر { إذ قال إبراهيم لأبيه آزر }، حين دعاه إلى التوحيد: { أتتخذ أصنامًا آلهة } تعبدها من دون الله، وهي لا تنفع ولا تضر، { إني أراك وقومك في ظلال مبين }: بيِّن الضلالة، ظاهر الخطأ.
الإشارة: كل من سكن إلى شيء دون الله، أو مال إليه بالعشق والمحبة، فهو صنم في حقه، فإن لم ينزع عن محبته، ولم يقلع عن السكون إليه، كان حجابًا بينه وبين شهود أسرار التوحيد. وفي الحِكَم: "ما أحببت شيئًا إلا وكنت عبدًا له، وهو لا يحب أن تكون لغيره عبدًا". وفي الحديث:
" تَعِس عبدُ الدينار والدرهم" " ... أي: خاب وخسر، فإذا اطلع الحق تعالى على قلب عبده فرآه مائلاً لغيره، حجب عنه أنوار قدسه، وفي ذلك يقول الششتري رضي الله عنه:

لِي حَبِيبٌ إنما هو غَيُور، يُطلُّ في القَلبِ كَطَيرٍ حَذُور،
إذا رأى شَيئًا امتَنَع أن يَزُور

وبالله التوفيق.
ثم ذكر احتجاج إبراهيم على قومه، وتبصره بأمر ربه، فقال: { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ }.