قوله: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ } إلى قوله { لَغَافِلِينَ } { مَكَانَكُمْ }:
نصب بإضمار فعل، والمعنى: امكثوا مكانكم، وقفوا موضعكم. (جميعاً): حال (من الهاء والميم) في نحشرهم.
والمعنى: نحشرهم لموقف الحساب، ثم نقول للذين أشركوا بالله سبحانه غيره، { مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ }: أي: انتظروا حتى يفصل بينكم. و "مكانك وانتظر": فتوعد بهما العرب.
{ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ }: أي: فرقنا بين المشركين وما كانوا يعبدون من دون الله، من قولهم: زلتُ الشيء عن الشيء فأنا أزيله: إذا أنْجَيْتُهُ، وَزَيَّلْنَا على التكثير.
وحكى الفراء أنه قرأ "فَزَايَلْنَا". يقال: لا أزايل فلاناً: أي: لا أفارقه، لا أخاتله. فمعنى زايلنا: معنى: زيلنا. والعرب تفعل ذلك في "فَعَّلت" يلحقون أحياناً الألف مكان التشديد فتقول: فاعلت، والفعل واحد.
{ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ }: أي: تقول آلهتهم التي عبدوها في الدنيا (لهم): لم تكونوا إيانا تعبدون لأنا ما كنا نسمع، ولا نبصر، ولا نعقل، ولا نعلم أنكم كنتم تعبدوننا.
قال مجاهد: تكون يوم القيامة ساعة فيها شدة تنصب لهم آلهتهم التي كانوا يعبدون. فتقول الآلهة: والله ما كنا نسمع، ولا نبصر، ولا نعقل، ولا نعلم أنكم كنتم تعبدوننا. فيقولون: والله لإياكم كنا نعبد، فتقول لهم الآلهة: { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ }.
وكان مجاهد يتأول الحشر هنا الموت.