خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ
٩
وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ
١٠
إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
١١
فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
١٢
-هود

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً } إلى قوله { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }.
المعنى: ولئن وسعنا للإنسان في رزقه وعيشه، ثم سلبنا ذلك منه. { إِنَّهُ لَيَئُوسٌ }: أي قنوط من الرحمة.
{ كَفُورٌ }: أي: "كفور لمن أنعم عليه، قليل الشكر".
والإنسان هنا اسم للجنس، وقيل: هو للكفار خاصة.
ثم قال تعالى: { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ }: أي: ولئن بسطنا له في الرزق والعيش، بعد ضيق في رزقه مسه منه ضررٌ { لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ }: أي: ذهب الضيق، والعسر عني. { إِنَّهُ لَفَرِحٌ }: أي: مرح، لا يشكر، { فَخُورٌ }: أي يفخر بما ناله من السعة في رزقه، فينسى صروف الدنيا، وعوارضها غرَّة منه وجرأة.
{ { ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ } [القصص: 76]: وهذا كله من صفة الكافر.
وقد قرأ بعض أهل المدينة "لَفَرَحٌ" بضم الرَّاء، وهي لغة، كما يقال: رجل قطِرٌ وقطُرٌ وحذَر وحذُرٌ. ثم استثنى. تعالى ذكره من هؤلاء قوماً ليسوا على هذه الصفة فقال: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } أي: على الضيق والعسر, وحمدوا الله على ما نالهم.
{ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ }: أي: الأعمال التي هي طاعات.
{ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ }: أي: من الله: أي: لهم مغفرة لذنوبهم، فلا يفضحهم في معادهم.
{ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }: أي: ثواب عظيم على أعمالهم، وهو الجنة.
وقوله: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ } هو استثناء ليس من الأول عند الأخفش بمعنى: "لكن". فهذا في المؤمنين، والأول / في الكافرين فهما جنسان ونوعان.
وقال الفراء: هو استثناء من أذقناه، لأن الإنسان بمعنى الناس، فهو من الأول.
ثم قال تعالى لنبيه عليه السلام: { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } أي: فلعلك تتْرك بعض ما يوحى إليك يا محمد، فلا تُبلغه لمن أمرت أن تبلغه إياه.
{ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ }: أي: وضائق بما يوحى إليك صدرك، فلا تبلغهم إياه مخافة أن يقولوا: فهلا { أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ }: من مال { أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ } يصدقه فيما يقول، وينذر معه. إنما عليك يا محمد الإنذار. { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }: أي: لست يا محمد عليهم بوكيل. الله هو الوكيل عليهم، أي: هو القائم بمجازاتهم وأمورهم.
فالهاء في "به" تعود على "ما"، أو على "بعض"، أو على التبليغ، أو على التكذيب.