قوله: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ} - إلى قوله - {هُودٍ}.
والمعنى: إنّ هوداً قال لقومه: فإن أدبرتم على ما دعوتكم إليه، وأعرضت فقد أبلغتكم ما أمرت به، وقامت عليكم الحجة في تبليغي إياكم رسالة ربكم، فهو يهلككم، ثم يستخلف قوماً غيركم، توحدون، وتخلصون له العبادة.
{وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً}: أي: لا تقدرون على ضر إذا أراد هلاككم. وقيل: المعنى: ولا يضره هلاككم شيئاً.
{إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ}: أي: ذو حفظ بخلقه.
ثم قال تعالى: {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا}: أي: العذاب للكفار. {نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا}: أي: بفضل منا مما أصاب الكفار. {وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ}: أي: يوم القيامة من عذاب جهنم، كما نجيناهم في الدنيا من عذاب الكفار.
ثم قال تعالى: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}: أي: معاند لله عز وجل، معارض بالخلاف. {وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً}: أي: غضباً من الله، وسخطاً، ويوم القيامة مثل ذلك.
{أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ}: أي: أبعدهم الله، وإنما قال: {وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ} بجمع، ولم يأتهم إلا رسول واحد، لأن من كفر بنبي واحد، وعصاه فقد كفر بجميع الأنبياء، وعصاهم. وله في القرآن نظائر، قد مضت، ومنها ما يأتي بعد.
(يوم القيامة): وقف، (قوم هود): وقف.
("إكمال السفر الثالث من كتاب الهداية بحمد الله وعونه. وصلى الله على محمد نبيه وسلم تسليماً. يتلوه في السفر الرابع قوله)".