قوله: {(قَالُواْ) فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ} - إلى قوله - {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}. المعنى: قال أصحاب يوسف / عليه السلام لإخوته: فما جزاء من وجد الصاع في رحله إن كنتم كاذبين في قولكم: {مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} {قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ}.
المعنى: قال إخوة يوسف لأصحابه: جزاؤه عندنا كجزائه عندكم، أي: أن يستعبد من سرق.
ويقال: إن هذا كان في شريعة يعقوب عليه السلام نسخه الله عز وجل، بالقطع. وقيل: المعنى جزاؤه الاستعباد من وُجِد في رحله، فهو جزاؤه. فهو يعود على الاستعباد المحذوف.
وقال الطبري: المعنى: قال إخوة يوسف: جزاء السارق من وجد في متاعه السَّرقُ، فهو جزاؤه: أي: فتسليم السارق جزاء السرق. وإنما سأل إخوة [يوسف] عن الجزاء، لأن أصحاب يوسف ردوا الحكم إليهم. وذلك أنه كان في شريعة يعقوب أن يستعبد السارق، وكان في حكم الملك: إذا سرق السارق غرم مثله. فرد الحكم إليهم.
وقرأ الحسن: "من وعَاءِ أخيه" بضم الواو.
{كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ}: أي: في أن حكموا على أنفسهم بالاسترقاق على شريعتهم. وأضاف الكيد إلى نفسه، لأن الذي فعل يوسف (جزاءاً عن) أمر الله كان، وعن مشيئته، وبوحيه ليوسف.
قوله: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ}: أي: في حكمه، بل أخذه بحكم يعقوب. {إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ}: ذلك بكيده.
وقيل: المعنى: {إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ}: أن يطلق له مثل هذا الكيد.
وقوله: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ} قال زيد بن أسلم: يعني: بالعلم.
وقيل: معنى الكيد: أنهم كانوا لا ينظرون في وعاء إلا استغفروا الله تأثُماً، مما قُذفوا به. فلما وصلوا إلى وعاء أخيهم، قالوا ما نرى (أن) هذا أخذ شيئاً. قال إخوة يوسف: بلى فاستبروا ففتح فوجد الصواع فيه: فذلك الكيد. قال ذلك قتادة والسدّي، وغيرهما.
وقوله: {ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ} يعني به الصواع. وإنما أنثت، لأنه بمعنى السقاية، فهما لشيء واحد.
وقيل: إنه على معنى السرقة، وقيل: إن الصواع يذكر ويؤنث.
وقوله: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ (عَلِيمٌ)} أي: فوق كل عالم من هو أعلم منه، حتى ينتهي ذلك إلى الله عز وجل.