خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ
٧
وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ
٨
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ
٩
-إبراهيم

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ } - إلى قوله - { إِلَيْهِ مُرِيبٍ } والمعنى: واذكروا إذ تأذن ربكم. (أي): أعلمكم ربكم. ومنه الأذان، لأنه إعلام. "وتفعل" يقع على موضع "أفعل"، والعرب تقول: أوعدته، وتوعدته، بمعنى واحد.
وقال ابن مسعود: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ }: أي: قال ربكم. وكذلك قال ابن زيد: معناه: قال ربكم ذلك التأذن.
{ لَئِن شَكَرْتُمْ }: معناه: القسم، والمعنى: ولئن شكرتم ربكم بطاعتكم إياه، فيما أمركم به، ونهاكم عنه، ليزيدنكم من النعم.
وقال الحسن: معناه: لأزيدنكم من طاعتي.
وقال سفيان بن عيينة: (قال سفيان): ليست الزيادة من الدنيا، أهون على الله من أن يجعلها ثواباً لطاعته، ولا أثاب (بها) أحداً من رسله وأهل طاعته، وهم أشكر الخلق.
وقيل: المعنى: لئن أطعتموني بالشكر، لأزيد(نكـ)ـم من أسباب الشكر ما يعينكم عليه.
وقيل: إن المعنى: لأزيد(نكـ)ـم من الرحمة والتوفيق والعصمة.
وقوله: { وَلَئِن كَفَرْتُمْ }: أي (إن) كفرتم النعمة، فجحدتموها بترك الشكر عليها.
{ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }: أي: لشديد على من كفر وعصى.
ثم قال تعالى: { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً }.
أي: قال لقومه: إن تكفروا، فتجحدوا نعمة الله عليكم، ويفعل مثل ذلك كل من في الأرض { فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ } عنكم وعنهم. { حَمِيدٌ }: أي: ذو حمد إلى خلقه بما أنعمه عليهم.
ثم قال تعالى: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ }.
والمعنى: إن الله تعالى أخبرنا خبر الأمم الماضية، الذين لا يحصى عددهم إلا الله (عز وجل) { جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ }: بالآيات الظاهرات، يدعونهم إلى الله (سبحانه) وإلى طاعته.
{ فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ / فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ }: أي: عضت الأمم على أصابعها، تغيظاً على الرسل، قاله ابن مسعود.
وقال ابن زيد: هو مثل:
{ { عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ } [آل عمران: 119].
وقيل: المعنى: أنهم لما سمعوا كتاب الله عز وجل عجبوا منه، و (و) ضعوا أيديهم على أفواههم تعجباً. قاله ابن عباس.
وقيل: المعنى: كذبوهم بأفواههم، وردوا عليهم. قاله مجاهد.
وقال قتادة: كذبوا الرسل، وردوا عليهم بأفواههم، فقالوا: { وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ }. وهو مثل قول مجاهد.
وقيل: معناه: إنهم كانوا يشيرون بأيديهم إلى أفواههم، يسكتون الرسل إذا دعوهم إلى الإيمان أن اسكتوا تكذيباً لهم، ورداً لقولهم.
وقيل: المعنى: إنهم كانوا يضعون أيديهم على أفواه الرسل، رداً لقولهم، وتكذيباً (لهم).
وقيل: هو مثل يراد به السكوت، لأن العرب تقول: سألت فلاناً (في) حاجة فرد يده في فيه، إذا سكت عنه فلم يجبه.
فالمعنى: أنهم يسكتون إذا دعتهم الرسل إلى الله، فلا يقبلون الدعاء وقيل: المعنى: (فردوا أيدي الرسل) في أفواههم، أي: ردوا نعم الله، التي أتتهم على ألسنة الرسل بأفواههم. فتكون "في" بـ(ـمعنى) "الباء"، واليد تكون في كلام العرب: النعمة، يقال: لفلان عندي (يد: أي: نعمة، وكان (...) على هذا القول (...) يكون على وزن (...) لأن جمع يد (النعمة): أيادٍ، وجمع اليد من الجارحة: أيدٍ.
وقوله: { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } يدل على كثرة من مضى من الخلائق.
قال ابن مسعود: وكذب النسَّابون.
قال عروة بن الزبير: ما وجدنا أحداً يدري ما وراء عدنان.
وقال ابن عباس: بين عدنان، وإسماعيل ثلاثون أباً لا يُعرفون.
ثم أخبر عنهم تعالى بما قالوا للرسل (فقال): { وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ }: أي: كفرنا بما جئتمونا من ترك عبادة الأوثان [وقالوا]: { وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ } أي: لفي شك من توحيد الله الذي تأمروننا (به).
{ مُرِيبٍ }: أي: يريبنا ذلك الشك، أي: يوجب لنا الريبة.