خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١٢٣
إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبْتُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
١٢٤
ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
١٢٥
-النحل

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } إلى قوله: { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }.
أي: أوحينا إليك يا محمد بأن تتبع دين إبراهيم مائلاً عن كل الأديان إلا عنه.
ثم قال [تعالى]: { إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبْتُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ }.
[أي: إنما فرض تعظيم السبت على الذين اختلفوا فيه].
فقال بعضهم: هو أفضل الأيام، لأن الله فرغ من خلق الأشياء يوم الجمعة، ثم سبت يوم السبت، وقال آخرون: أفضل الأيام [يوم] الأحد، لأنه [الــ]ـيوم الذي ابتدأ فيه خلق الأشياء. واختلفوا في تعظيم غير ما فرض عليهم تعظيمه ثم استحلوه.
قال مجاهد: جعل السبت على الذين اختلفوا فيه فاتبعوه وتركوا يوم الجمعة. وقال قتادة: "اختلفوا فيه": استحله بعضهم وحرمه بعضهم، وهو قول: ابن جبير.
وقال ابن زيد: كانوا يطلبون يوم الجمعة فأخطؤوه وأخذوا يوم السبت [فجعل عليهم، وقيل: إنهم ألزموا يوم الجمعة عيداً فخالفوا، وقالوا: نريد يوم السبت] لأنه يوم فرغ الله فيه من خلق السماوات.
وروي: أن عيسى [بن مريم] عليه السلام أمر النصارى أن يتخذوا يوم الجمعة عيداً فقالوا لا يكون عيدنا إلا بعد عيد اليهود فجعلوه الأحد. ويروى أن موسى عليه السلام قال لبني إسرائيل: تفرغوا لله في سبعة أيام في يوم تعبدونه ولا تعملون فيه شيئاً من أمور الدنيا، فاختاروا السبت فأمرهم موسى [صلى الله عليه وسلم] بالجمعة فأبوا إلا السبت، فجعله الله [عز وجل] عليهم.
ثم قال: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }.
أي: من هذه الأيام وفي استحلالهم للسبت.
ثم قال تعالى: { ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ }.
أي: ادع يا محمد من أرسلت إليه إلى طاعة الله [عز وجل] والإقرار له بوحدانيته.
و "الحكمة" هنا: كتاب الله [سبحانه]. و "الموعظة الحسنة": العبر التي هي حجة عليهم مما ذكرهم به من الآيات في كتابه.
{ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي: جادلهم بالمجادلة التي هي أحسن من غيرها، وهي الصفح عنهم.
وقال الزجاج: "الحكمة" هنا: النبوة / و "الموعظة": القرآن. { وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } غير فظ ولا غليظ القلب، أي: ألن لهم جناحك، وهي منسوخة عند جماعة من العلماء نسخها الأمر بالقتال.
وقيل: هي محكمة غير منسوخة، ومعناه: الانتهاء إلى ما أمر الله [عز وجل] به، وهذا لا ينسخ.
ثم قال: { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ }.
أي: بما حاد عن طريق الهدى من المختلفين في السبت وغيره.
{ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } أي: بمن يسلك الطريق المستقيم.