خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً
١٠٥
ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً
١٠٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً
١٠٧
خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً
١٠٨
-الكهف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } إلى قوله: { عَنْهَا حِوَلاً }.
أي: الذين تقدمت صفتهم واعمالهم ضلت هم { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } أي: جحدوا ذلك { فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } أي: بطلت { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } أي: لا يثقل لهم ميزان بعمل صالح.
روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"يؤتى يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن / جناح بعوضة، واقرؤوا إن شئتم: { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً }" .
ثم قال: أبو محمد: وهذا النص يدل على وزن اعمال الكفار. فلا يثقل بها ميزان إذا كانت لغير الله وإذ [كان] لا يصحبها توحيد ولا إيمان بالرسل. [قال: تعالى]: { لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ } [الرعد: 18] وقال: فيهم: { وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } [الرعد: 40] أي حساب من كفر. وقال: الله عز وجل { فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ } [النور: 39] وقال: عن الكفار: { وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ } [الحاقة: 26]. وقال: عن الكفار أنهم قالوا: { { عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } [ص: 16] وقال { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [الحجر: 92-93] وقال: { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الاعراف: 6] وقال: { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ } [الاسراء: 13] أي: كتاب عمله. وقد ذكر تعالى ذكره وزن اعمال الكفار في غير ما موضع من كتابه. وذلك ما عظم الحساب، وهو كثير في القرآن مكرر يدل على محاسبة الكفار.
ثم قال: تعالى { ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ }.
أي ثوابهم جهنم بكفرهم واتخاذهم آياتي ورسلي هزؤاً، أي سخرياً.
ثم قال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً }.
أي: الذين صدقوا الله ورسوله وأقروا بتوحيده وكتبه ورسله، وعملوا بطاعته كانت لهم جنات الفردوس نزلاً. وهي أفضل الجنات. وأوسطها، قاله قتادة.
وقال: كعب: ليس في الجنات جنة أعلى من جنة الفردوس فيها الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر.
وقيل الفردوس هو البستان بالرومية، قاله مجاهد. وقال: كعب: جنات الفردوس التي فيها الأعناب. وقيل الفردوس الأودية التي تنبت ضروباً من النبات. وقال: أبو هريرة الفردوس جبل في الجنة يتفجر منه أنهار الجنة. وقيل الفردوس سرة الجنة. وقيل الفردوس الكروم وقيل هو في الرومية منقول إلى لفظ العربية.
وروى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مسيرة مائة عام والفردوس أعلاها. ومنها الأنهار الأربعة، والفردوس فوقها. فإذا سألتم الله عز وجل فاسألوه الفردوس" وفي حديث آخر "ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض" .
وعنه صلى الله عليه وسلم من رواية أبي سعيد الخدري أنه قال: "فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة واعلاها، وفوقها عرش الرحمن ومنها تفجر انهار الجنة" .
وكذلك روى معاذ بن جبل عن النبي عليه السلام أنه قال: "إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجة ما بين السماء والأرض والفردوس أعلا الجنة وأوسطها وفوقها عرش الرحمن ومنها يفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله عز وجل فاسألوه الفردوس" .
وقوله: { نُزُلاً } يعني منازل أو مساكن وهو من نزول بعض الناس على بعض. و { خَالِدِينَ } "لابثين فيها أبداً".
{ لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً }
أي: لا يريدون تحولاً. وحولاً / مصدر تحولت. خرج عن أصله كتعوج عوجاً. ويقال: قد حال من المكان حولاً. وقال: مجاهد: "حولاً" متحولاً.
وروي عن بعض اصحاب أنس أنه قال: يقول أول من يدخل الجنة: إنما أدخلني الله أولهم لأنه ليس احد أعطاه مثل الذي أعطاني.
وقيل معنى "حولاً" لا يحتالون في غيرها فهو من الحيلة على هذا.