خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى
٧
ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ
٨
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ
٩
إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى
١٠
-طه

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله تعالى ذكره: { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى }، إلى قوله: { أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى }.
أي: وإن تجهر بالقول يا محمد، فإن الله تعالى يعلم ما أسررت في نفسك، وأخفى منه.
قال الحسن ومجاهد وعكرمة: "السر": ما أسررته إلى غيرك، "وأخفى" ما حدثت به نفسك.
وقال الضحاك: "السر" ما حدثت به نفسك، و "أخفى" ما لم تفعله وأنت فاعله"، وكذلك، روي عن ابن عباس.
قال ابن عباس: و "أخفى" ما تعمل غداً.
وقال ابن جبير: "السر": ما أسره الإنسان في نفسه، "وأخفى": ما لم يعلم الإنسان مما هو كائن.
وقيل: معنى: "وأخفى": ما ليس في نفس الإنسان. وسيكون ذلك في نفسه، فهو لا إله إلا هو يعلم ما سيجري في نفس الإنسان قبل أن يجري.
وقال ابن زيد: "يعلم السر" أسرار العباد وأخفى سره. وقاله أبوه زيد بن أسلم. أي: يعلم سر عباده، وأخفى سره، فلا يعلمه أحد جلّ وعزّ، وهذا اختيار النحاس. وأنكر هذا القول الطبري.
وقوله: { يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى }، أتى على غير ظاهر، جواب قوله "وإن تجهر بالقول، إنما هو جواب لمن قيل له وأن تستر بالقول، فإن الله يعلم السر وأخفى، ولكنه محمول على المعنى، كأنه قال: ما حاجتك إلى الجهر، والله يعلم السر وأخفى من السر.
ثم قال: { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ }.
من جعل الله بدلاً من الضمير في "يعلم" لم يقف على "أخفى"، ومن جعله مبتدأ، وقف على أخفى.
أي: معبودكم واحد، لا معبود غيره، ولا إله إلا هو { لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } /. هي تسعة وتسعون اسماً على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ألفاضها اختلاف.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"لله تسعة وتسعون اسماً: مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة" أي: من حفظها.
وقيل: من آمن بها.
وقيل: من قالها معتقداً لصحتها.
ثم قال تعالى ذكره { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } { إِذْ رَأَى نَاراً }.
معناه: أن الله يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بما مضى من أخبار الأنبياء عليهم السلام قبله، وما مضى عليهم ليتعزى بذلك مما يناله من قريش.
ذكر: أن موسى عليه السلام أضل الطريق في شتاء ليلاً، فلما رأى ضوء النار، قال لأهله: امكثوا لعلي أتيكم بخبر نهتدي به على الطريق أو آتيكم بقبس توقدونه في هذا البرد.
قال ابن عباس: لما قضى موسى الأجل، سار بأهله فضل الطريق.
قال وهب بن منبه: لما قضى موسى الأجل. خرج ومعه غنم له، ومعه زندله وعصاه في يده، يهش بها على غنمه نهاراً، وإذا أمسى اقتدح ناراً فبات عليها هو وأهله وغنمه، فإذا أصبح غدا بغنمه وبأهله يتوكأ على عصاه، فلما كان الليلة التي أراد الله جلّ وعزّ بموسى كرامته، وابتدأه فيها بنبوته، أخرج زنده ليقدح ناراً لأهله ليبيتوا عليها ويصبح ويعلم وجه سبيله، فقدح حتى إذا أعياه لاحت النار فرآها. { فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً }، أي أبصرتها، لعلي آتيكم منها... الآية...
وقيل: معنى: "آنست" علمت ووجدت.
و "القبس" النار في طرف العود أو قصبة.
{ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى }.
أي: دلالة تدلني على الطريق، قاله ابن عباس.
وقال مجاهد: "هدى" أي: هادياً يهدي إلى الطريق.
وقال وهب: "أو أجد على النار هدى" أي: علماً من أعلام الطريق يدلني عليه.