خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَزَكَرِيَّآ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ
٨٩
فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ
٩٠
وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ
٩١
إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ
٩٢
-الأنبياء

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله تعالى ذكره: { وَزَكَرِيَّآ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } إلى قوله: { فَٱعْبُدُونِ }.
أي: واذكر يا محمد زكريا حين نادى ربه { رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً } أي وحيداً، لا ولد لي ولا عصبة، فارزقني وارثاً من آل يعقوب: { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ }، فاستجبنا له دعاءه، ووهبنا له يحيى وارثاً. ثم قال: { وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ }.
أي: جعلناها ولوداً بعد أن كانت عقيماً.
وقال عطاء: كانت سيئة الخلق طويلة اللسان، فأصلحها الله وصيرها حسنة الخلق، وهو قول محمد بن كعب وعون بن عبد الله.
ثم قال تعالى: { إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ }. يعني زكريا وزوجته ويحيى، أي: يسارعون في طاعة الله، والعمل بما يقرب إليه.
ثم قال تعالى: { وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً }.
أي: رغبة فيما يرجون من ثوابه ورهبة مما يخافون من عقابه.
قال قتادة: رغباً في رحمة الله ورهباً من عذاب الله.
والدعاء في هذا الموضع: العبادة. كما قال:
{ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىۤ } [مريم: 48] أي: أعبد ربي.
قال ابن زيد: معناه: خوفاً وطمعاً.
قال ابن جريج: رغباً في رحمة الله ورهباً من عذاب الله.
ثم قال تعالى: { وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ } أي: متواضعين متذللين لا يستكبرون عن العبادة والدعاء والتضرع.
قال سفيان: هو الحزن الدائم في القلب.
ثم قال: { وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا }.
أي: واذكر يا محمد التي أحصنت فرجها، يعني مريم: وأحصنت، حفظت ومنعت. وعنى بالفرج جيبها وقيل: فرج نفسها.
وقوله: فنفخنا فيها من روحنا: أي: من جبريل صلى الله عليه وسلم، لأنه روح الله، نفخ في جيب ذراعها بعد أن منعته منه إذ لم تعرفه.
وقيل: أمر الله تعالى جبريل صلى الله عليه وسلم، فنفخ الروح الذي هو روح عيسى في فرجها فحيي بذلك.
ثم قال تعالى: { وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } أي: عبرة لعالم زمانهما. والتقدير على مذهب سيبويه: وجعلناها آية وابنها آية، ثم حذف الأولى. أي: علماً وحجة على العالمين والمعنى: جعلها آية إذ ولدت من غير فحل، وجعله آية إذ ولد من غير نطفة، وإذ نطق في يوم ولد، وتكلم بالحكمة في ذلك اليوم.
ثم قال تعالى ذكره: { إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً }.
أي: وإن هذه ملتكم ملة واحدة، وأنا ربكم أيها الناس فاعبدون، دون الأصنام والأوثان.
قال مجاهد وابن عباس: "أمتكم أمة واحدة" أي: دينكم دين واحد. وأمة نصبت على الحال /.