خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ
٣
-النور

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله تعالى ذكره: { ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً }، إلى قوله: { عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }.
هذه الآية نزلت في قوم من المؤمنين استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح نسوة من أهل الشرك معروفات، كن يكرين أنفسهن للزنا، فأنزل الله تعالى تحريمهن على المؤمنين فقال: الزاني من المؤمنين لا يتزوج امرأة من أولئك البغايا، فإن تزوجها فإنما يتزوج زانية أو مشركة لأنهن كن مشركات، والزانية من أولئك البغايا لا ينكحها إلا زان من المؤمنين أو مشرك مثلها.
{ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }، أي حرم الله نكاحهن على المؤمنين.
قال ابن عمر: استأذن رجل من المؤمنين النبي صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها: أم مهزول كانت تسافح وتشترط له أن تنفق عليه فنزلت الآية.
قال مجاهد: وقتادة، والزهري: نزلت الآية في نساء معلوم منهن الزنا في الجاهلية، فأراد ناس من المسلمين نكاحهن، فالآية على هذا القول مخصوصة محكمة في نساء بأعيانهن.
وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب: هي عامة ولكنها نسخت بقوله: { وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ } الآية، فكل من زنى بامرأة فله أن يتزوجها ولغيره أن يتزوجها بعد الاستبراء، وهو قول ابن عمر، وسالم، وجابر بن زيد، وعطاء، وطاووس، ومالك وأبي حنيفة، والشافعي.
قال الشافعي: الآية منسوخة إن شاء الله، كما قال ابن المسيب.
وروي عن بعض أهل العلم أنه قال: إذا زنى الرجل بالمرأة ثم ظهر له أن يتزوجها فليتعرض لها في الزنا فإن قبلت منه، وساعدته فلا يتزوجها، وإن أبته من العودة فليتزوجها إن شاء. وعن ابن عباس: أن النكاح هنا الوطء، أي الزاني من أهل القبلة لا يزني إلا بزانية مثله من أهل القبلة أو مشركة، والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا بزان من أهل القبلة مثلها أو مشرك.
{ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }.
أي وحرم الزنا على المؤمنين، واختار الطبري هذا القول، واحتج في ذلك بأن الزانية من المسلمين لا يحل أن تتزوج مشركاً بحال، ولا يجوز للزاني من المسلمين أن يتزوج مشركة وثنية بحال، فيكون المعنى: الزاني من المسلمين لا يزني إلا بزانية من المسلمين لا تستحل الزنا أو بمشركة تستحل الزنا والزانية لا تزني إلا بزان من المسلمين لا يستحل الزنا أو بمشرك يستحل الزنا، وأنكر هذا القول بعض العلماء، لقوله تعالى ذكره: { وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } لأنه لا يلزم على قول ابن عباس أن يكون المعنى وحرم الزنا على المؤمنين وليس هو محرم على المؤمنين خاصة، وإنما التقدير: حرم هذا النكاح على المؤمنين، أي نكاح البغايا، والزنا محرم على المؤمن والكافر.
وقال الحسن: معنى الآية: الزاني المجلود لا ينكح إلا زانية مجلودة أو مشركة، وكذا الزانية. وهو مذهبه.
وروي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله" .
فعلى قول الحسن تكون المشركة هنا يراد بها الكتابية، وليس على هذا القول أحد من فقهاء الأمصار، والحديث عندهم منسوخ بإنكاح الأيامى في القرآن.
قال أحمد بن يحيى: حقيقة النكاح الوطء.
تقول العرب: أنكحت الأرض الحنطة، وأنكر هذا أبو إسحاق وقال: النكاح ليس هو الوطء، إنما هو عقده.
وقيل الآية محكمة، والمعنى الزاني المشهور ثلاثاً لا يحل لمؤمنة أن تتزوجه، والزانية المشهورة بالزنا لا يحل لمؤمن أن يتزوجها.
وقيل: هو منسوخ بإجماع المسلمين، إن المؤمن الزاني لا يحل له نكاح مشركة ولا لغير زان، وكذلك الزانية المؤمنة لا يحل لها نكاح مشرك أي زواجه بإجماع.