خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً
١٧١
-النساء

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ... } الآية.
معنى { وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ }: أي: آلهتنا ثلاثة.
{ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ } نصب { خَيْراً } عند سيبويه على إضمار فعل دل عليه الكلام لأنه أمرهم بالانتهاء عن الكفر والدخول في الإيمان، فالمعنى: وأتوا خيراً لكم. قال: لأنك إذا قلت أنتم فأنت تخرجه من شيء، وتدخله في آخر، ومثله عنده.

قواعد من سر حتى ملك أو الربا بينهما أسهلا

والمعنى: وآت أسهلا.
ومذهب أبي عبيدة أنه خبر كان، والتقدير يكن خيراً لكم، ورد ذلك المبرد لأنه يضمر الشرط وإضماره لا يحسن.
ومذهب الفراء أنه نعت لمصدر محذوف كأنه قال: انتهوا انتهاء خيراً لكم.
قوله: { سُبْحَانَهُ } انتصب انتصاب المصدر.
و { أَن يَكُونَ } إن في موضع [نصب] بحذف الخافض المحذوف، [والتقدير على أن يكون، وقد قيل: في موضع خفض بإعمال الخافض المحذوف].
ومعنى الآية: أنها خطاب للنصارى.
فمعنى: { لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ } أي: "لا تجاوزوا الحق في دينكم.
{ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ [إِلاَّ ٱلْحَقَّ] } أي: لا تقولوا في عيسى إلا الحق فإن قولكم في عيسى غير الحق إذ تقولون إنه: ابن الله، فهذا قولهم على الله غير الحق.
و { ٱلْمَسِيحُ } فعيل بمعنى مفعول بمعنى ممسوح وسمي بذلك لأن الله مسحه من الذنوب والأدناس.
وقد قيل: إنها لفظة أعجمية أصلها مشيحا فأعرب فقيل المسيح، وقد ذكرنا ذلك في غير هذا الموضع بأشبع من هذا التفسير.
ومعنى: { وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ } الكلمة هنا الرسالة التي أمر الله ملائكته أن تأتي بها مريم مبشرة من الله لها التي ذكرها الله في آل عمران.
قال قتادة: كلمة [قوله] { كُنْ فَيَكُونُ }.
ومعنى: { أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ } أعلمها بها وأخبرها، كما تقول: ألقيت إليك كلمة حسنة، بمعنى أعلمتك، بها.
ومعنى: { وَرُوحٌ مِّنْهُ } أي: ونفخ منه، وذلك أنه حدث عيسى في بطن أمه بأمر الله، وتقديره من غير ذكر من نفخة جبريل عليه السلام في درع مريم بأمر الله إياه، فنسبه تعالى إليه لأنه عن أمره كان.
وسمي النفخ روحاً: لأنه ريح تخرج من الروح.
وقيل: معنى: { وَرُوحٌ مِّنْهُ }: أنه كان بإحياء الله إياه بقوله { كُنْ } فمعناه وحياة منه.
وقيل: معنى: { وَرُوحٌ مِّنْهُ } ورحمة منه كما قال
{ { وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } [المجادلة: 22] فمعنى برحمة منه أي جعله رحمة لمن تبعه وصدقه.
كما قال:
{ { وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا } [مريم: 21].
وقال أُبي بن كعب [في قوله]
{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } [الأعراف: 172] الآية.
قال: أخذهم فجعلهم أرواحاً، ثم صورهم ثم، استنطقهم، فكان روح عيسى عليه السلام من تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد، والميثاق فأرسل تلك الروح إلى مريم، فدخل في فيها فحملت فهو قوله { وَرُوحٌ مِّنْهُ }.
وقيل: الروح في الآية معطوف على المضمر في { أَلْقَاهَا } والمضمر اسم الله، والروح اسم جبريل كان تقديره: ألقى الله وجبريل الكلمة إلى مريم، كما قال:
{ { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } [الشعراء: 193] وهو جبريل عليه السلام.
وقيل معنى: { وَرُوحٌ مِّنْهُ } وبرهان منه لمن اتبعه، وذلك ما أنزل عليه من كتابه، وسمي البرهان روحاً، لأنه يحيى به من قبله