خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَٱسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَٰعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي ٱلدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَٱسْمَعْ وَٱنْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
٤٦
-النساء

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } الآية.
المعنى أن "من" متعلقة بـ { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً } أي هم من الذين هادوا. وقيل: المعنى من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم. وقيل: المعنى من الذين هادوا من يحرفون الكلم. حكي عن العزيز يقول أي: من يقول ذلك.
وقيل: "من" متعلقة بنصير، أي: وكفى بالله نصيراً من هؤلاء القوم، أي: ينتصر منهم في الآخرة، فاكتفوا بنصرته منهم أيها المؤمنون.
واختار قوم أن يكون المحذوف من كما قال:
{ { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } [الصافات: 164] أي: من له، كما يقول له: منا يقول ذلك ومنا لا يقوله، أي: من يقوله ومن لا يقوله ومذهب سيبويه تقدير قوم كما ذكرنا أولاً.
واختار أهل التفسير أن يكون "من" متعلقة بالذين أوتوا نصيباً من الكتاب".
ومعنى { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ } أي: يتأولونها على غير وجهها، ويعدلونها عن ظاهرها، والكلم هنا كلام النبي عليه السلام، وقال مجاهد: الكلم كلم التوراة يبدلونها، وهو جمع كلمة.
{ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا }: يقولون لمحمد صلى الله عليه وسلم: سمعنا قولك، وعصينا أمرك، يخفون العصيان، ويظهرون السمع والطاعة إذا أرادوا أن يكلموه، قال: { وَٱسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ } أي: يقولون في أنفسهم: لا سمعت، يقولون { رَٰعِنَا } يوهمونهم أنهم يريدون: أرعنا سمعك، وهم يريدون به الرعونة في لغتهم.
وقيل معنى { وَٱسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ } أي: اسمع غير مقبول منك، ويلزم قائل هذا أن يقول غير مسموع منك. ومعنى { لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ } أي: تحريفاً إلى السب والاستخفاف.
وقيل: كانوا يريدون بقولهم { رَٰعِنَا } أي: راعينا مواشينا، ويوهمون أنهم يريدون راعنا، أي: انتظرنا وارفق بنا، وإنما يريدون الرعي رعي المواشي عن طريق الهزء والاستخفاف والمغالطة.
قوله: { وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } أي: سمعنا قولك وأطعنا أمرك { وَٱسْمَعْ } أي: اسمع منا { وَٱنْظُرْنَا } أي: انتظرنا نفهم عنك ما تقول لكان ذلك [{ خَيْراً لَّهُمْ] وَأَقْوَمَ } أي وأعدل.