خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٩
-الأحقاف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قال: { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ }.
أي: قل يا محمد: ما كنت أول الرسل فتنكرون رسالتي، بل قد كان قبلي رسل كثير وأنا واحد منهم.
قال المبرد: البدع البديع الأول، ومنه يقال: ابتدع فلان كذا، أي: أتى بما لم يتقدمه إليه أحد قبله، ومنه بديع السماوات: أي: مبتدعهما.
وقوله: { وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ }.
قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يقول ذلك للمؤمنين، أي: لست أدري ما نصير إليه يوم القيامة.
ثم بيّن الله عز وجل حاله فقال:
{ { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [الفتح: 1-2] وبيّن للمؤمنين أمرهم فقال: { { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } [الفتح: 5] هذا قول ابن عباس.
وقال عكرمة والحسن: هذه الآية منسوخة نسختها سورة الفتح، قالا: فلما نزلت سورة الفتح خرج النبي صلى الله عليه وسلم فبشرهم بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال له رجل من المسلمين هنيئاً لك يا نبي الله قد علمنا ما يفعل بك فما يفعل بنا، فأنزل الله،
{ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً } [الأحزاب: 47] وأنزل: { { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } [الفتح: 5] إلى قوله: { { حَكِيماً } [الفتح: 7] فبيّن للمؤمنين ما يفعل بهم أيضاً.
قال قتادة: ما أدري ما يفعل بي ولا بكم، ثم درى ما يفعل به في أول الفتح، وعن الحسن: أنها نزلت في المشركين، وأنه صلى الله عليه وسلم ما يدري ما يصير إليه أمره معهم في الدنيا، وما يصير أمرهم، أيؤمنون أم يكفرون، أيعجلون بالعذاب أم يؤخرون وقال: أما في الآخرة فمعاذ الله، إنه قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل.
وقيل معناه: ما أدري ما يفترض عليّ وعليكم في الدنيا من الفرائض.
وقيل المعنى: ما أدري ما يحل علي وعليكم من جدب أو رخاء في الدنيا.
وقيل إنها نزلت في رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم، فسرت أصحابه فاستبطئوا تأويلها فأنزل الله عز وجل: { وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ }.
واختار الطبري وغيره أن يكون هذا في أمر الدنيا دون حال الآخرة لأنه لو كان لا يدري ما يفعل به ولا بهم في الآخرة لكان ذلك حجة لهم لأنهم يقولون له: فعلى ما نتبعك إذا كنت لا تدري على أي حال نصير غداً في القيامة.
وقوله: { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ } أي: ما اتبع فيما أمركم به وفيما أفعله إلا وحي الله عز وجل إلي وأمره إياي.
{ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أي: أنذركم عقاب الله عز وجل على كفركم.
{ مُّبِينٌ } أي: قد بينت لكم إنذاري لكم ونصحي إياكم.