خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَٰدةً قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَىٰ قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
١٩
-الأنعام

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَٰدةً } الآية.
{ أَيُّ } اسم مبهم معرب، وإنما أُعرِب دون سائر المبهمات لعلتين:
- إحداهما: أنه قد أُلزم الإضافة فخالف سائر المبهمات، والمضاف إليه يَحل محل التنوين فيه، إذ لزمه ما هو عِوضٌ من التنوين، وإذا قدر التنوين فيه وجب إعرابه، لأن التنوين علامة للأمكن، والأمكنُ لا يكون إلا معرباً.
- والوجه الآخر: أنه مخالف لسائر المبهمات، لأنه يدل على البعض المعيّن، فإذا قلت: "أيُّ الرجليْن أتاك"؟، فالذي تسأل عنه داخل في "الرجلين"، وليس ذلك في "ما" و "من".
ومعنى الآية: قل يا محمد لهؤلاء الذين جحدوا نبوتك: أي: شيء أعظم شهادة؟، ثم أخبرهم بأن الله أعظم شهادة ممن يجوز عليه السهو والغلط والكذب والخطأ من خلقه. وقيل: المعنى: سلهم يا محمد: أي: شيء أكبر شهادة حتى أستشهد به عليكم؟.
(و) قال الكلبي: قال المشركون - من أهل مكة - للنبي: من يعلم أنك رسول الله فيشهد لك، فأنزل الله { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَٰدةً قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أني رسوله، { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ }.
والله - جل ذكره - شيء بهذه الآية، لكنه شيء لا كالأشياء
{ { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [الشورى: 11].
وقوله: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ } (أي وقل لهم: أوحي إلي هذا القرآن) لأنذركم به عقاب الله، { وَمَن بَلَغَ }: (أي) وأنذر به من بلغه ذلك بعدي.
قال محمد بن كعب القرطبي: من بلغته آية فكأنما رأى الرسول.
قال ابن عباس: "من بلغه هذا القرآن فهو له نذير".
فـ { من } في موضع نصب. وقيل: المعنى في { وَمَن بَلَغَ }: أي: وأنذر من بلغ الحلم، لأن من لم يبلغ الحلم، فليس بمخاطب ولا متَعَبد. والقول الأول: "إن معناه: ومن بلغه القرآن"، وهو أولى.
وقال مجاهد { وَمَن بَلَغَ } أي: من أسلم. وقيل معناه: { لأُنذِرَكُمْ بِهِ } أيها العرب { وَمَن بَلَغَ } أي: العجم، كقوله:
{ { بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ } [الجمعة: 2] يعني العرب، ثم قال: { { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ } [الجمعة: 3] أي: من الذين أرسل إليهم، يعني العجم.
(و) قوله: { أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَىٰ }: هذا على التوبيخ لهم. ثم قال لنبيه: قل يا محمد لا أشهد بما تشهدون، إنما هو إله واحد، وإنني بريء من إشراككم بربكم.
(و) روى ابن عباس
"أن طائفة من اليهود قالوا للنبي: يا محمد، ما نعلم مع الله إلهاً غيره!، فقال رسول الله: لا إله إلا الله، بذلك بُعثت وإلى ذلك أدعو" ، فأنزل الله: { قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } إلى قوله: { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }.
ووقف نافع: { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَٰدةً }. والتمام عند الجماعة { وَمَن بَلَغَ }.