قوله: { قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا } الآية.
قرأ ابن مسعود (اسْتَهْواه الشَّيطان) وعن الحسن: (استهوته الشَّياطون بالواو، وهو لحن.
ومعنى الآية: قل يا محمد لهؤلاء العادلين، واحْتَجَّ عليهم، فقل: أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا، أي: أندعو خشباً وحجراً لا يقدر على نفع ولا ضر، { وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ } أي: نرجع القهقري، إن فعلنا ذلك - والعرب تقول لكل من لم يظفر بحاجته: "قد رُدَّ على عقبيه" فيكون مثلنا كمثل الذي استهوته الشياطين، أي: زينت له هواه، ({ حَيْرَانَ } أي) في (حال) حيرته.
{ لَهُ أَصْحَابٌ }: أي: لهذا الحيران - الذي على غير محجة - أصحاب يدعونه إلى الهدى: ائتنا. وهذا مثل ضربه الله لمن كفر بعد إيمانه فاتبع الشياطين من أهل الشرك بالله، وأصحابه - الذين كانوا معه على الهدى - يدعونه إلى الهدى الذي هم عليه، وهو يأبى ذلك.
وقيل: (هو) في أبي بكر (الصديق) رضي الله عنه وزوجته كانا يدعوان ابنهما عبد الرحمن إلى الإسلام.
ومعنى { ٱئْتِيَا }: أطعنا، والمعنى: أَنْ ائتنا.
قال السدي: قال المشركون للمسلمين: اتبعوا ديننا واتركوا دين محمد، فقال الله: { قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } الآية، فمثلكم - إن كفرتم بعد الايمان - كمثل رجل كان مع قوم على طريق، فَضَلَّ الطريق، فحيرته الشياطين واستهوته في الأرض، وأصحابه على الطريق يدعونه إليهم، يقولون: "ائتنا، فإنا على الطريق"، فأبى أن يأتيهم، والطريق هو الإسلام.
وروي عن ابن عباس أن المعنى: أنه مثل لرجل أطاع الشياطين، وحَادَ عن الحق وله أصحاب على غير هدى يدعونه ويزعمون أن ذلك هو الهدى، فأكذبهم الله وقال: { قُلْ } يا محمد: { إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ }، وقل: أُمِرنا كي نسلم لرب العالمين، أي: نخضع له ونطيعه.
{ حَيْرَانَ }: تمام عند جميعهم. وقال نصير: { فِي ٱلأَرْضِ } التمام، ورُدَّ ذلك عليه، لأن (حَيْرَان) منصوب على الحال.