تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه
قوله: { وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ [إِلاَّ أَنْ آمَنَّا] }، إلى: { قَاهِرُونَ }.
المعنى: وما تنكر منا إلا إيماننا بربنا، إذ رأينا الآيات والحجج. ثم قالوا: { رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً }، أي: أنزل علينا صبراً يشملنا فلا تُخْرِج عن الإيمان إلى الكفر بعذاب فرعون لنا، { وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ }، أي: أقبلنا إليك على الإسلام.
قال السدي: فقتلهم وقطعهم.
قال ابن عباس: كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء.
وقاله قتادة، وابن جريج.
ثم قال تعالى مخبراً عنهم: { [وَ]قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ }، أي: قال جماعة من أشراف قومه،: { أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ }، أي: أتدع يا فرعون، موسى وقومه من بني إسرائيل، { لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي: كي يفسدوا عليك خدمك وعبيدك في أرضك من مصر، { وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ }، أي: ويدع خدمتك موسى وعبادتك وعبادة آلهتك.
والنصب في { وَيَذَرَكَ } على الصرف، إن جعلت معنى الكلام: ليفسدوا في الأرض، وقد تركك وترك عبادة آلهتك.
وإن جعلت المعنى { لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } على التوبيخ لفرعون عن تركه موسى (عليه السلام)، فنصبه على العطف على { لِيُفْسِدُواْ }.
وقرأ ابن عباس، ومجاهد: "وَيَذَرَكَ وءِالاَهَتَكَ". أي عبادتك.
وكان فرعون إذا رأى بقرة سمينة أمرهم أن يعبدوها.
وقوله: { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [النازعات: 24]، يدل على أنهم كانوا يعبدون غيره، ممن هو دونه عندهم، فهذا يدل على صحة قراءة الجماعة: { وَآلِهَتَكَ }.
قال ابن عباس حجة لقراءته ("وإِلاَهَتَكَ"): كان يعبد ولا يعبد.
وبذلك قرأ مجاهد على معنى: وعبادتك.
وبه قرأ الضحاك.
ومن قرأ: "وَإِلاَهَتَكَ"، تَأَوّلَه أن فرعون لم يكن يَعْبُدُ شيئاً، إنما كان يُعْبَد من دون الله، (سبحانه وتعالى).
وقيل: إن قوم فرعون لهم أصنام يعبدونها، تقربهم إليه فيما ترون.
فأجابهم فرعون فقال: { سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ }، أي: عالون عليهم بالملك والسلطان.
{ وَآلِهَتَكَ }، وقف.