تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه
قوله: { ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ } إلى: { ٱلْمُؤْمِنِينَ }.
{ ذٰلِكُمْ }: في موضع رفع على معنى الأمر: { ذٰلِكُمْ }.
أو: الأمْرُ.
ويجوز فيها، وفيما تقدم أن تكون في موضع نصب على معنى فعل: { ذٰلِكُمْ }.
و { ذٰلِكُمْ } إشارة إلى ما تقدم من قتل المشركين والظفر بهم.
وقوله: { وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ }، أي: واعلموا أن الله مُضْعِفٌ { كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ }، حتى ينقادوا.
وكل ما جاز في { وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ } [الأنفال: 14]، جاز في هذه.
وقيل معنى { مُوهِنُ }: يلقي الرعب في قلوبهم.
وقوله: { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ }.
هذا خطاب للكفار، قالوا: اللهم انصر أحب الفريقين إليك.
ومعنى { تَسْتَفْتِحُواْ }: تستحكموا / على أقطع الحزبين للرحم. أي: إن تستدعوا الله أن يحكم بينكم في ذلك { فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ }، أي: الحكم.
{ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ }.
أي: إن تنتهوا عن الكفر بالله، { فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ }.
قال السدي: كان المشركون إذا خرجوا من مكة إلى قتال النبي صلى الله عليه وسلم أخذوا أستار الكعبة فاستنصروا الله.
وقوله: { وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ }.
أي: إن عدتم إلى القتال عُدْنا لمثل الوقعة التي أصابتكم يوم بدر.
{ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً }.
أي: جنودكم وإن كانت كثيرة.
وقيل: { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ }: للمؤمنين، وما بعده للكفار.
وقوله: { وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }، عطف على: { وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ }.
وقيل المعنى: ولأنَّ الله مع المؤمنين.
وقيل المعنى: واعلموا أنّ الله.
فيجوز الابتداء بها مفتوحة على هذا القول.
وقيل: إنه كله خطاب للمؤمنين، أي: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، وإن تنتهوا عن مثل ما فعلتم من أخذ الغنائم والأسرى قَبْل الإذن { فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ }، وإن تعودوا إلى مثل ذلك نَعُدْ إلى توبيخكم، كما قال تعالى: { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ (لَمَسَّكُمْ) } [الأنفال: 68] الآية.
وقيل المعنى: { وَإِن تَعُودُواْ } أيها الكفار، إلى مثل قولكم واستفتاحكم نعد إلى نصرة المؤمنين.