تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه
قوله: { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ }، الآية.
المعنى: اذكر إذ زيّن لهؤلاء الكفار الشيطان أعمالهم.
وقيل المعنى: { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الأنفال: 42]، في هذه الأحوال، وحين زيَّنَ لهم الشيطان أعمالهم.
قال الضحاك: جاءهم إبليس يوم بدر بجنوده فزين لهم أنهم لن ينهزموا وهم يقاتلون على دين آبائهم، وأنه جَارٌ لهم، فلما التقوا، ونظر الشيطان إلى إمداد الملائكة { نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ }، أي: رجع مدبراً، وقال لهم: { إِنَّيۤ أَرَىٰ مَا لاَ تَرَوْنَ }.
قال السدي: أتى المشركين إبليس في صورة سراقة بن مالك الكِناني الشاعر / على فرس فقال: { لاَ غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ }، فقالوا: من أنت؟ قال: أنا جَارُكُمْ سراقة بن مالك، وهؤلاء كنانة قد أتوكم.
وقال قتادة: لما رأى الملعون جبريل عليه السلام تنزل معه الملائكة، علم أنه لا يدين له بالملائكة، فقال: { إِنَّيۤ أَرَىٰ مَا لاَ تَرَوْنَ }، وقال: { إِنَّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ }، وكذب الملعون، ما به مخافة الله عز وجل، ولكن لما رأى ما لا منعة له منه، فرق وقال ذلك، وهو كاذب على نفسه.
وقيل: إنه ظنَّ أنَّ الوقت الذي أُنظِر إليه قد حضر، فخاف.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما رُئِيَ إبليس يوماً هو فيه أصْغَرُ، [ولا أدحر]، ولا أحْقَرُ، ولا أغيظُ من يوم عرفة، وذلك مما يرى من تنزيل الرحمة والعفو عن الذنوب، إلا ما رأى يوم بدر، قالوا: يا رسول الله، وما رأى يوم بدر؟ قال: أما إنه رأى جبريل عليه السلام، يَزَعُ الملائكة" .
قال الحسن: رأى جبريل عليه السلام، مُعْتَجِراً بِبُرْد، يمشي بين يدي النبي عليه السلام، وفي يده اللجام.
ومعنى { نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ }. رجع القهقري.
وقيل معناه: رجع من حيث جاء.
وكانت وقعة بدر لسبع عشرة خلت من رمضان على رأس سبعة عشر شهراً من مقدم النبي عليه السلام، من مكة.
قال مالك: على رأس سنة ونصف.
وكانت وقعة أحد بعد بدر بسنة.