خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
٥٧
وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ
٥٨
-الأنفال

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ }، إلى قوله: { ٱلخَائِنِينَ }.
"إمّا": للشرط، وتلزمه النون الشديدة توكيداً، لدخول "ما" من "إنْ"، هذه علة البصريين.
وقال الكوفيون: تدخل "النون" الخفيفة والشديدة مع "إمّا" للفرق بين كونها للشرط وكونها للتخيير.
ومعنى الآية: إنْ لقيت يا محمد، هؤلاء الذين عاهدتم، ثم نقضوا عهدك في الحرب { فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ }.
أي: افعل بهم فعلاً يكون مُشَرَّداً لمن خلفهم من نظرائهم، ممن بينك وبينه عَهْد.
و "التَّشْرِيدُ": التطريد والتبديد والتفريق.
فأُمر بذلك صلى الله عليه وسلم ليكون أدباً لغيرهم، فلا يجترئوا على مثل ما فعله [هؤلاء] من نقض العهد.
وقال السدي: { فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ }، أي: نكل بهم، ليحذر من خلفهم ممن بينك وبينه عهد.
{ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }.
أي: يتعظون إذا رأوا ما صنع بمن نقض العهد.
وقوله: { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً }.
أي: إن خفت يا محمد، من قوم بينك وبينهم عهد (وعقد) أن يخونوك وينقضوا عهدك، { فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ }، أي: حاربهم وأعلمهم قبل إتيانك لحربهم أنك فسخت عهدهم، لِمَا كان منهم من أمارة نقض العهد، وإتيان الغدر والخيانة منهم، فيستوي علمك وعلمهم في الحرب، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ }، أي: من خان عهداً، أو نقض عهداً.
و "الخَوْفُ" هنا: ظهور ما يتيقن منهم من إتيان الغدر، وليس هو الظن.
ومعنى: { فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ }.
أي: انبذ إليهم العهد، وأعلمهم بأنك قد طرحته، لما ظهر إليك منهم، وأنك محارب لهم، فيستوي أمركما في العلم.
قال الكسائي: { عَلَىٰ سَوَآءٍ }: على عدل، أي: تعدل بأن يستوي علمك وعلمهم.
وقال الفراء المعنى: افعل بهم كما يفعلون سواء.
وقال أيضاً: { عَلَىٰ سَوَآءٍ }: جهراً لا سراً.
قال أبو عبيدة معنى: { تَخَافَنَّ }: تُوقِنَنَّ.