خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١١١
ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ ٱلسَّائِحُونَ ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١١٢
-التوبة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ }، إلى قوله: { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }.
قوله: { أَنفُسَهُمْ }: استغنى بأقل الجمع عن الكثير، والمراد الكثير، ولفظه لفظ القليل، وقد قال تعالى:
{ وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } [التكوير: 7] فهذا لفظه ومعناه سواء لأكثر العدد.
ومن قرأ: { فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ }، فبدأ بالمفعول.
قيل: الفاعل بمعناه فيُقْتل بعضهم، ويقتل بعضهم الباقي المشركين. والعرب تقول: نحن قتلناكم يوم كذا، أي: قتلنا منكم.
قوله: { وَعْداً }، مصدر مؤكد، و { حَقّاً } نعت له.
والمعنى: وعدهم الله الجنة وعداً حقاً عليه.
قال ابن عباس: { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ [وَأَمْوَالَهُمْ] بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ }، قال: ثامنهم والله، وأعلى لهم.
"ورُوي أن عبد الله بن رواحة قال للنبي صلى الله عليه وسلم: اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال النبي عليه السلام: اشترط لربي: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأشترط لنفسي: أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم. فقالوا: فإذا فعلنا ذلك فماذا لنا؟ قال: الجنة. قالوا: ربح البيع، لا نُقيل ولا نستقيل" .
فنزلت: { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ }، الآية.
ثم مدحهم الله، عز وجل، فقال: { ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ }، أي: هم التائبون.
وقال الزجاج: هو بدل. والمعنى: يقاتل التائبون.
وقال: والأحسن أن يرتفعوا بالابتداء، والخبر محذوف، أي: لهم الجنة.
وفي قراءة عبد الله: { ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ }، على النعت للمؤمنين، في موضع خفض، أو في موضع نصب على المدح.
وقيل: { ٱلتَّائِبُونَ } مبتدأ، وما بعدها إلى "الساجدين" عطف عليه، و { ٱلآمِرُونَ } خبر الابتداء، أي: مرهم بهذه الصفة، فهم { ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ }.
ومعنى { ٱلتَّائِبُونَ }: الراجعون مما يكرهه الله عز وجل، إلى ما يحبه.
وقال الحسن: { ٱلتَّائِبُونَ }، أي: عن الشرك، { ٱلْعَابِدُونَ }، الله وحده في أحايينهم كلها، أي: في أعمارهم.
ومعنى { ٱلْحَامِدُونَ }، الذين يحمدون الله على ما ابتلاهم به من خير وشر.
وقيل المعنى: الذين حمدوا الله على الإسلام.
ومعنى { ٱلسَّائِحُونَ }: الصائمون روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك قال ابن عباس، ومجاهد، والحسن، والضحاك.
وأصل السياحة: الذهاب في الأرض.
{ ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ }، يعني: في الصلاة المفروضة.
{ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ }، أي: بالإيمان بالله، عز وجل، وبرسوله عليه السلام.
/ { وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ }، عن الشرك { وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ }، أي: العاملون بأمر الله عز وجل، ونهيه، سبحانه.
{ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }.
أي: بشر من آمن، وفعل هذه الصفات من التوبة والعبادة وغيرهما، وإن لم يغزوا.
وقال الحسن في هذه الآية: { ٱلْعَابِدُونَ }: الذين عبدوا الله عز وجل، في أحايينهم كلها، أما والله ما هو بشهر ولا شهرين ولا سنة ولا سنتين، ولكن كما قال العبد الصالح:
{ وَأَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً } [مريم: 31].
قال: و { ٱلسَّائِحُونَ } الصائمون. وقال: { ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ }، أما والله، ما أمروا بالمعروف، حتى أمروا به أنفسهم، ولا نهوا عن المنكر، حتى نهوا عنه أنفسهم، { وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ }، قال: هم القائمون على فرائض الله.