قوله: { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ }، إلى قوله { يَذَّكَّرُونَ }.
والمعنى: وإذا ما أنزل الله عز وجل، سورة من القرآن، فمن المنافقين من يقول: أيكم أيها الناس، زادته، / هذه السورة إيماناً؟
أي: تصديقاً بالله وآياته، قال الله عز وجل، عن نفسه، { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }.
أي: وأما الذين آمنوا من الذين قيل لهم ذلك، { فَزَادَتْهُمْ }، السورة { إِيمَاناً }، وهم يفرحون بما أعطاهم الله عز وجل، من الإيمان واليقين.
ومعنى زيادة الإيمان هنا: أنهم قبل نزول السورة لم يكن لزمهم فرض ما في السورة التي نزلت. فلما نزلت قبلوها والتزموا ما فيها من فرض، فذلك زيادة في إيمانهم الأول.
وقال الربيع: { فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً }، أي: خشية.
{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ }.
أي: شك في دين الله، سبحانه { فَزَادَتْهُمْ } السورة إذا نزلت، { رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ }، أي: كفراً إلى كفرهم، وذلك أنهم شكوا في أنها من عند الله، سبحانه، ولم يؤمنوا بها، فازدادوا كفراً على كفرهم المتقدم، { وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ }، أي: بالله، سبحانه، وآياته، جلت عظمته.
قوله: { أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ }.
من قرأ بالياء، فهو توبيخ لهم، والمعنى: أو لا يرى هؤلاء المنافقون ذلك؟
ومن قرأ بالتاء، فمعناه: أو لا ترون، أيها المؤمنون، ما ينزل بهم في كل عام؟
ومعنى { يُفْتَنُونَ }، يختبرون في بعض الأعوام مرة، وفي بعضها مرتين، { ثُمَّ }، هم مع البلاء الذي يحل بهم { لاَ يَتُوبُونَ } من نفاقهم وكفرهم، ولا يذكرون ما يرون من الحجج لله، عز وجل، فيتعظون بها.
و "الاختبار" هنا، قيل: بالجوع والجدب.
وقال قتادة، والحسن: يختبرون بالغزو والجهاد.
وقيل: إنه هو ما كان يُشيعَ المشركون من الأكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فيفتتن بذلك من في قلبه مرض.
وقال حذيفة: كنا نسمع كذبة أو كذبتين، فيفتتن بها فئام من الناس.
يريد حذيفة أنهم كانوا يفعلون ذلك قبل إسلامهم.