قوله: { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ }، إلى قوله: { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }.
قوله: { إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ }، إنما دخلت { إِلاَّ }؛ لأن في الكلام معنى النفي، وهو: { يَأْبَىٰ }، لأن قولك: "أبيت الفعل" كقولك: "لم أفعل"، فلذلك دخلت { إِلاَّ }، وهي لا تدخل إلا بعد نفي.
وقال الزجاج التقدير: { وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ } كل شيء { إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ }.
وقال علي بن سليمان: إنما جاز دخول { إِلاَّ } ها هنا؛ لأن { يَأْبَىٰ } منع، فضارعت النفي.
ومعنى الآية: يريد أحبار هؤلاء ورهبانهم { أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ }، (عز وجل)، { بِأَفْوَٰهِهِمْ }، أي: يحاولون بتكذيبهم وصدهم الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم، أن يبطلوا القرآن الذي جعله الله ضياء لخلقه، وهو نور الله سبحانه، { وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ }، أي: يعلو دينه وتظهر كلمته.
قال السدي: يريدون أن يطفئوا الإسلام بكلامهم، والله مُتِم نوره ولو كره الكافرون إتمامه.
{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ }.
وهو الإسلام وشرائعه { وَدِينِ ٱلْحَقِّ }، الإيمان، { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ }، أي: ليعلي الإسلام على الملل كلها، { وَلَوْ كَرِهَ }، ذلك { ٱلْمُشْرِكُونَ }.
قال أبو هريرة: ذلك عند خروج عيسى عليه السلام.
وقيل: المعنى ليعلمه شرائع الدين كلها، فيطلعه عليها.
فتكون "الهاء" للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول ابن عباس.
وفي القول الأول: "الهاء" تعود على: الدِّينِ.