خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ
٣٨
إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٣٩
-التوبة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ }، إلى قوله: { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.
هذه الآية تحريضٌ من الله، عز وجل، وحثَّ للمؤمنين على غزو الروم، وذلك غزوة تبوك. بعد الفتح، وبعد الطائف، وبعد خيبر، وحنين، أُمروا بالغزو في الصيف حين أحرقت الأرض، وطابت الثمار.
ومعنى { ٱنفِرُواْ }: اخرجوا غزاة.
ومعنى: { ٱثَّاقَلْتُمْ }، أي: تثاقلتم فلزمتم الأرض والمقام بمساكنكم.
{ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ }.
أي: بخفض الدَّعةِ في الدنيا عوضاً من نعيم الآخرة.
{ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }.
أي: ما الذي تستمتعون به في الدنيا من عيشها في نعيم الآخرة إلا يسير.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"مَوْضِعُ سَوْطٍ في الجنَّة أفضلُ من الدُّنيا وما فيها" .
ثم قال تعالى: { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً }.
يتوعدهم على ترك الغزو إلى الروم، { يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً }: أي عاجلاً في الدنيا، بترككم النَّفْر إليهم.
{ وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ }.
(أي: ويستبدل الله، عز وجل، نبيَّه عليه السلام قوماً غيركم)، ينفرون معه إذا استنفروا.
{ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً }.
أي: لا تضروه، بترككم النفير، شيئاً، إذ لا حاجة به إليكم ولا إلى غيركم.
{ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.
على إهلاككم واستبدال قوم غيركم [بكم]، وعلى سائر الأشياء.
قال ابن عباس: استنفر النبي عليه السلام، حيًّا من أحياء العرب فتثاقلوا عنه، فأمسك عنهم القطر، فكان ذلك العذاب الأليم.
ورُويَ عن ابن عباس أنه قال: نَسَخَتْهَا:
{ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً } [التوبة: 122].
وقال الحسن، / وعكرمة، وأكثر العلماء على أنهما محكمتان، لأن معنى { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ }، [أي]: إذا احتيج إليكم.
وقوله: { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً }، معناه: أنه لا بد أن يبقى بعض المؤمنين لئلا تخلى دار الإسلام. وقد قاله: الحسن، والضحاك.
وقوله:
{ مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } [التوبة: 120]، الآية، نَسَخَتْهَا (أيضاً) التي بعدها: { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً } [التوبة: 122]،. وكذلك نسخت: { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ }، الآية.