خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ
٢٩
وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ
٣٠
وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيۤ أَنْفُسِهِمْ إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ
٣١
قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ
٣٢
-هود

تفسير الجيلاني

{ وَيٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي: على تبليغي وإرشادي إياكم وإهدائي لكم { مَالاً } جعلاً وأجراً { إِنْ أَجْرِيَ } أي: ما أجري { إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ } الذي أمرني به وبعثني لتبليغه { وَ } إن أردتم أن أطرد من معي من المؤمنين فاعلموا أني { مَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } وليس في وسعي طردهم وكيف أطردهم { إِنَّهُمْ } من غاية سعادتهم وصلاحهم { مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ } الذي وفقهم على الإيمان والهداية، فيخاصمون مع طاردهم وينتقمون عنه { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ } من خبث باطنكم { قَوْماً تَجْهَلُونَ } [هود: 29] تنكرون لقاء الله وحوله وقوته وإعانته للمظلوم وانتقامه للظالم الطارد.
{ وَيٰقَوْمِ } المكابرين المعاندين في طلب طرد المؤمنين الموقنين { مَن يَنصُرُنِي } ويدفع عني { مِنَ } عذاب { ٱللَّهِ } وبطشه وانتقامه { إِن طَرَدتُّهُمْ } اتبغاء لمرضاتهم ومواساة لكم بلا إذن وارد من قبل الحق، ووحي نازل من عنده { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } [هود: 30] أيها المجبولون على العقل المفاض، المستلزم للتوحيد والعرفان لينكشف الأمر عنكم، وتعرفوا وخامة عاقبة التماسكم طرد المؤمنين وتوفيقكم الإيمان عليه.
{ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ } مدعياً بعدم طرد المؤمنين الفاقدين حطام الدنيا { عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ } فأغنيهم بها، لذلك لم أطردهم { وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } أي: لا أدعي الاطع على غيوب أحوالهم في مآلهم حتى يكون سبب ودادي لهم { وَلاَ أَقُولُ } لكم مباهاة ومفاخرة: { إِنِّي مَلَكٌ } حتى تقولوا: ما أنت إلا بشر مثلنا { وَلاَ أَقُولُ } أيضاً { لِلَّذِينَ } أي: للمؤمنين الذين { تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ } أي: استرذلتموهم، وتقولون في حقهم: ما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي: { لَن يُؤْتِيَهُمُ } ويعطيهم { ٱللَّهُ خَيْراً } في الدنيا والأخرة؛ إذ حالهم ومآلهم من الغيوب التي استأثر الله بها ولم يطلعني عليها؛ إذ { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيۤ أَنْفُسِهِمْ } من الإخلاص والرضا، وما لي علم بحالهم إلا بوحي الله وإلهامه، ولم يوخ إليَّ شيء من أحوالهم، وإن تفوهت عنهم وعن أحوالهم بلا وحي { إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ } [هود: 31] المجترئين على الله في ادعاء الاطلاع على غيبه رجماً به.
وبعدما سمعوا من نوح عليه السلام ما سمعوا { قَالُواْ } من فرط عتوهم وعنادهم: { يٰنُوحُ } نادوه استهانة واسحتقاراً { قَدْ جَادَلْتَنَا } وخاصمتنا بالمقدمات الكاذبة الوهمية { فَأَكْثَرْتَ } علينا { جِدَالَنَا } وبالغت فيها وتماديت { فَأْتِنَا } أيها المكثر المفرط { بِمَا تَعِدُنَآ } من العذاب، فإنا لن نؤمن بك { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [هود: 32] في دعواك.