خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ
٥٠
يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٥١
وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ
٥٢
قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ
٥٣
-هود

تفسير الجيلاني

{ وَ } بعدما تناسل قوم نوح وتكاثرت أمم منهم، فاستكبروا عن طريق التوحيد واتخذوا الأصنام والأوثان آلهة، أرسلنا { إِلَىٰ عَادٍ } العادين عن طريق الحق، المتجاوزين عن صراط التوحيد ظلماً وعدواناً { أَخَاهُمْ هُوداً } ليهديهم إلى طريق الحق وصراط مستقيم { قَالَ } بعدما أوحينا إليه آذنا له بتذكير قومه: { يٰقَوْمِ } أضافهم إلى هفسه تحنناً و إشفاقاً على ما هو مقتضى الإرشاد { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } الواحد الأحد الصمد الذي لا إله إل هو واعتقدوا { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ } يعبد بالحق ويرجع إليه ما في الأمور { غَيْرُهُ } إذ لا موجود سواه ولا إله إلا هو { إِنْ أَنتُمْ } أي: ما أنتم بعدما ظهر الحق باتخاذ الأوثان آلهة غيره { إِلاَّ مُفْتَرُونَ } [هود: 50] مبطلون في اتخاذها افتراء ومراء.
{ يٰقَوْمِ } اسمعوا قولي واتعظوا به وامضوا بمقتضاه واقبلوا نصحي؛ إذ { لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } ولا أطلب منكم عوضاً، بل أنا مأمور بالتبليغ والتذكير من عند العليم الخبير { إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ } أي: بعثني بالإرشاد والإهداء، أتشكون في أمري وتترددون في شأني وتذكيري ونصحي؟ { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [هود: 51] وتستعملون عقولكم في أفعالكم القبيحة وأعمالكم الفاسدة الناكبة عن طريق الاعتدال الذي هو صراط الله الأقوم الأعدل؟!.
{ وَ } بعدما ازدادوا الإصرار والاستكبار، أخذهم الله بعقم الأرحام والأمطار فاضطروا، قال هود عليه السلام: { يٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } من فرطاتكم وهفواتكم، واطلبوا المغفرة والنجاة منه { ثُمَّ تُوبُوۤاْ } واسترجعوا { إِلَيْهِ } نادمين مخلصين { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ } بأمر الله تفضلاً وامتناناً { مِّدْرَاراً } أمطاراً كثيرة على سبيل التتابع والإدرار { وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ } أي: يضاعف أولادكم التي هو قوة ظهوركم { وَ } عليكم أن { لاَ تَتَوَلَّوْاْ } على الله حال كونكم { مُجْرِمِينَ } [هود: 52] معرضين وعن رسله مصرين على ما أنتم عليه.
{ قَالُواْ } بعما سمعوا منه ما سمعوا: { يٰهُودُ } نادوه استحقاراً له واستكباراً عليه { مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ } واضحة مثبتة لدعواك حتى نقبل منك قولك { وَ } بعدما لم تجيء إلينا بالبينة الملجئة ما كان نعتقدك صادقاً صدوقاً ثقة حتى نقبل قولك بلا بينة، اترك ما أنت عليه من الدعوة الفاسدة؛ إذ { مَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا } التي وجدنا آباءنا لها عاكفين { عَن قَوْلِكَ } أي: عن مجرد دعواك لا بينة ودليل { وَ } بالجملة: { مَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } [هود: 53] مصدقين لك بلا شاهد وبينة.