خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ
٥٩
إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ
٦٠
فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ
٦١
قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ
٦٢
قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ
٦٣
وَآتَيْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
٦٤
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيلِ وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ
٦٥
وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ
٦٦
وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ
٦٧
قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ
٦٨
وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ
٦٩
قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ
٧٠
قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ
٧١
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ
٧٢
فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ
٧٣
-الحجر

تفسير الجيلاني

{ إِلاَّ آلَ لُوطٍ } أي: أهل بيته، ومن آمن له { إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ } [الحجر: 59] لكونهم معصومين مطيعين.
{ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ } المجرمة العاصية { قَدَّرْنَآ } بإعلام الله وإذنه إياه علينا { إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ } [الحجر: 60] الباقين مع الكفرة الهالكين؛ لكونها باقية على اعتقادهم وعنادهم.
{ فَلَمَّا جَآءَ } ودخل على طريق الضيفان { آلَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ } [الحجر: 61] المرد الصباح الملاح.
{ قَالَ } لوط: { إِنَّكُمْ } أيها الضيفان { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } [الحجر: 62] أخاف عليكم من قومي وسوء فعالهم، وقبح ديدنتهم وعادتهم، مع أني أخاف من جئتكم أيضاً على هذا الوجه، بحيث لا أرى عليكم أمارات البَشَر.
{ قَالُواْ } أي: المرسلون له: لا تخف لا علينا ولا منا؛ إذ ما جئتنا لتخويفك وتوحيشك { بَلْ جِئْنَاكَ } لنسرك ونؤيدك، وننصرك على أعدائك { بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ } [الحجر: 63] أي: بإثبات ما يشكّون فيه ويترددون، بل يكذبونك فيه مراء، وهو العذاب الذي توعدتَ لهم، وادعيتَ نزوله عليهم، وهم يشكّون فيه.
{ وَآتَيْنَاكَ بِٱلْحَقِّ } المطابق للواقع { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } [الحجر: 64] فيما قلنا لك.
والآن وقت إنجاز ما وعد الله لك من إنزال العذاب عليهم { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } أي: سر واذهب معهم { بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيلِ } أي: في طائفة من آنات الليل وساعاته، فقدمهم أمامك { وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ } وأثرهم، والعذابُ منزل عليهم عقيب خروجك بلا تراخ، وإذا كانوا خلفك أصابتهم منه { وَ } بعدما خرجتم إليهم من بينهم { لاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } خلفه، ولا ينظر إلى ما وراءه حتى لا يصيبه ما أصابهم، ولا بهوله ولا بفزعه { وَٱمْضُواْ } أيها المأمورون { حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } [الحجر: 65].
{ وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ } أي: حكمنا على لوط بالوحي إليه { ذَلِكَ ٱلأَمْرَ } الفظيع الهائل، وهو { أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ } يعني: إن عواقب هؤلاء المسرفين المفرطين مقطوعة مستأصلة بالمرة، حال كونهم { مُّصْبِحِينَ } [الحجر: 66] أي: حين دخول الصباح عليهم.
{ وَ } بعدما بلغ الرسل إلى لوط ما جاءوا به من قِبَل الحق { جَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ } [الحجر: 67] وهي سَدُوم، بأضياف لوط، ويستحسنوهم طامعين وقاعهم مسرعين حول بيته.
{ قَالَ } لهم لوط على مقتضى شفقة النبوة، وإن كان الأمر عنده مقضياً محتماً بلا تردد: { إِنَّ هَؤُلآءِ } المسافرين { ضَيْفِي } نزلوا في بيتي { فَلاَ تَفْضَحُونِ } [الحجر: 68] بإساءتهم؛ لأن إساءتهم وتفضيحهم عين إساءتي وتفضيحي.
{ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } عن ارتكاب محظوراته، والركون إلى محرماته { وَلاَ تُخْزُونِ } [الحجر: 69] ولا تخجلوني منهم؛ إذ فعتلكم هذه معهم مسقطة للمروءة بالمرة.
{ قَالُواْ } في جوابه: أتنهانا اليوم عنهم كما نهيتنا عن أمثالهم فيما مضى { أَوَ لَمْ نَنْهَكَ } من قبل ألاَّ تمنعنا { عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } [الحجر: 70] وكن في نفسك زكياً ظاهراً مهذباً، ما لك معنا وخبيثنا؟!.
ثمَّ بالغوا في الإصرار والعناد { قَالَ } لهم لوط: { هَؤُلآءِ } النسوان { بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } [الحجر: 71] فهو أولى بكم، وأظهر لقضاء وطركم.
{ لَعَمْرُكَ } يا أكمل الرسل { إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ } المنبعثة من شهوتهم المفرطة، المحيرة المدهشة لعقولهم { يَعْمَهُونَ } [الحجر: 72] ويهيمون إلى حيث لا يسمعون نصحه، فكيف يقبلونه ويفهمون؟!.
ولما لم ي تركوا الفضيحة، ولم يقبلوا النصيحة { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ } الهائلة المهلكة وقت الصبيحة، حال كونهم { مُشْرِقِينَ } [الحجر: 73] داخلين وقت شروق الشمس.