خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
١٠٧
أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ
١٠٨
وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٠٩
-البقرة

تفسير الجيلاني

{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } يتصرف فيهما كيف يشاء، كما يشاء، متى يشاء بلا فتورٍ ولا فطور، هذا في الآفاق { وَ } ارجعوا إلى أنفسكم، واعلموا أنه { مَا لَكُمْ } في ذواتكم وهوياتكم { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } المحيط بكم وبجميع أوصافكم { مِن وَلِيٍّ } يولي أموركم { وَلاَ نَصِيرٍ } [البقرة: 107] يعين عليكم من دونه بل هو محيط هوياتكم وماهياتكم كما أخبر به سبحانه في قوله: "كنت سمعه... وبصره... ويده... ورجله..." .
أتسلمون وتفوضون أموركم إلى الله ورسوله أيها المؤمنون المسلمون، وتقبلون دين الإسلام تعبداً { أَمْ تُرِيدُونَ } وتقصدون { أَن تَسْأَلُواْ } وتقترحوا عن سرائر الآيات النازلة عليكم لإصلاحكم حالكم عناداً ومكابرة { رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } عن الآيات النازلة لإصلاح بني إسرائيل مما نزل من آيةٍ إلا ويسألوه على وجه الإلحاح والاقتراح، فيجازيهم الله على مقتضى اقتراحهم، وإن اقترحتم كما اقترحوا يجازيكم الله كما جازاهم { وَ } اعلموا أن { مَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ } الموهوم المذموم { بِٱلإِيمَانِ } المحقق المجزوم { فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } [البقرة: 108] طريق الحق المستقيم الموصل إلى التوحيد كما ضل بنو إسرائيل بمخالفة كتاب الله وتكذيب رسله.
ثم اعلموا أيها المؤمنون أنه { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } خصوصاً اليهود والنصارى { لَوْ يَرُدُّونَكُم } بأنواع الحيل والنفاق { مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ } بالله وكتبه ورسله { كُفَّاراً } مردين واجب القتل والمقت عند الله، وليس ودادتهم كفركم لغايى تصلبهم في دينهم ونهاية غيرتهم عليه بل { حَسَداً } لكم ناشئاً { مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } من غاية عداوتهم معكم { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ } ظهر { لَهُمُ } أن دينكم { ٱلْحَقُّ } المطابق للواقع بشهادة كتابهم ونبيهم، وإذا فهمتم أمرهم وعرفتم عداوتهم { فَٱعْفُواْ } عن الانتقام والعقوبة { وَٱصْفَحُواْ } أعرضوا عن التعبير في التقريع واصبروا { حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ } باسمه المنتقم { بِأَمْرِهِ } المبرم من ضرب الذلة والمسكنة والغضب عليهم دائما { إِنَّ ٱللَّهَ } المتجلي باسم المنتقم { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [البقرة: 109] من أنواع الانتقامات قدير على الوجه الأصعب الأشد.